صادق مجلس الوزراء خلال اجتماعه أمس الخميس 07 سبتمبر 2023، برئاسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على بــيان قدمه معالي وزير المالية السيد إسلم ولد محمد أمبادي يتعلق بوثيقة البرمجة الميزانوية على المدى المتوسط 2024-2026.
وتندرج هذه الوثيقة في إطار التوجيهات الرامية إلى وضع السياسات العامة في أفق زمني متعدد السنوات، وتحسين توزيع الموارد بين القطاعات، وتعزيز الاستدامة الميزانوية وكذلك الشفافية في تسيير المالية العامة.
وهي وثيقة ثلاثية السنوات منزلقة، تعرض مسار المالية العامة للسنوات الثلاث (3) المقبلة وفقا لأحكام القانون رقم 039-2018 بتاريخ 9 أكتوبر 2018 المتضمن القانون النظامي المتعلق بقوانين المالية، وكذلك المرسوم رقم 196-2019 بتاريخ 14 أكتوبر 2019 المحدد لآليات إجراءات جدولة البرمجة الميزانوية.
وتشكل هذه الوثيقة الإطار المرجعي للتوجيهات الميزانوية المعتمدة على مدى السنوات الثلاث (3) القادمة والرامية إلى تعزيز المكتسبات المحققة في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية “تعهداتي” وكذلك مواكبة تنفيذ خطة العمل 2021-2025 لاستراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك.
وتحقيقا لهذه الغاية، فإن وثيقة البرمجة الميزانوية على المدى المتوسط ترسم آفاق تطور المجاميع الرئيسية لسياسة المالية العامة (إيرادات، نفقات، أرصدة، وما إلى ذلك)، إضافة إلى تحديد الأولويات القطاعية. وتعتمد هذه الوثيقة على فرضيات حذرة ومتسقة لتطور الظرفية الدولية والسياق الاقتصادي الوطني، ولا سيما تطور الأسعار العالمية للمواد الأولية، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومستوى التضخم، وحجم الواردات والصادرات وكذلك تدابير السياسات المالية المتوقعة.
وتعتمد وثيقة البرمجة الميزانوية على المدى المتوسط 2024-2026 على أداتين رئيسيتين: الإطار الميزانوي متوسط المدى والإطار العام للنفقات متوسطة المدى، حيث يبرز الإطار الميزانوي متوسط المدى تطور المجاميع المالية الرئيسية على مدى ثلاث سنوات؛ ويتم إعداده على أساس فرضيات الاقتصاد الكلي وكذلك تقديرات موارد ونفقات الميزاني..
بينما يحدد الإطار العام للنفقات متوسطة المدى، توزيع المخصصات الأولية للنفقات الميزانوية المبرمجة حسب الجزء (رواتب، سلع وخدمات، استثمار، إلخ) بين القطاعات الوزارية المختلفة على مدى ثلاث سنوات. وتستخدم هذه المخصصات كأساس لإعداد إطار النفقات متوسطة المدى للقطاعات الوزارية، وبالتالي فإن هذا الأخير يشكل الترجمة المالية للأنشطة والمشاريع المدرجة في خطط عمل القطاعات الحكومية والتي تعتبر ميزانية الدولة أداة برمجة وتنفيذ سنوية لها، حيث تمثل ميزانية الدولة الحصة السنوية لإطار النفقات متوسطة المدى للقطاعات الوزارية.
ويعتبر الإطار الميزانوي متوسط المدى أداة لتوجيه إعداد ميزانية الدولة، بهدف الاستخدام الأمثل للموارد، وفقا للأولويات التي تحددها الحكومة، حيث تمكن البرمجة الميزانوية متعددة السنوات من ضمان التناسق والمواءمة بين ميزانية الدولة والسياسات العمومية المحددة في استراتيجيات التنمية.
وتتناول هذه الوثيقة في فصلها الأول سياق وتوقعات الاقتصاد الكلي (الدولي والوطني)، كما تفصل في فصلها الثاني حالة تنفيذ ميزانية الدولة للفترة 2020-2022 والربع الأول من السنة المالية 2023، وتخصص الفصل الثالث للإطار الميزانوي متوسط المدى، وأخيرا تعالج في فصلها الرابع الإطار العام للنفقات متوسطة المدى 2024-2026.
وبالنسبة للإطار الميزانوي متوسط المدى 2024-2026، تم وضع تنبؤات المالية العامة على أساس توقعات نمو اقتصادي يبلغ في المتوسط على امتداد هذه الفترة معدل 6.5%، مدفوعا أساسا باستئناف الإنتاج في الصناعات الاستخراجية ودخول حقل الغاز “السلحفاة آحميم الكبير” حيز الإنتاج، أما بالنسبة للتضخم فسيظل معدله مستقرا خلال الفترة أعلاه عند معدل 6.9% في المتوسط، نظرا للانخفاض المتوقع للأسعار في السوق الدولية وكذلك التحسن المتوقع في الإنتاج الوطني.
واستنادا إلى الافتراضات المعتمدة، سيترجم الإطار الميزانوي لوثيقة البرمجة الميزانوية على المدى المتوسط في خفض الإنفاق العام اعتبارا من سنة 2025 بمعدل (-1.2% في المتوسط)، نتيجة لانخفاض نفقات التسيير (النفقات على السلع والخدمات وكذلك الدعم والتحويلات الجارية). ويبرر تراجع الإنفاق على السلع والخدمات من خلال الحاجة إلى التحكم في الانفاق العام للدولة وتحسين ترشيد الاعتمادات المخصصة لتسيير الإدارة العمومية؛ في حين أن انخفاض التحويلات الجارية والدعم ناتج في الأساس عن التخفيض التدريجي، أو حتى إلغاء الدعم المخصص لمواد المحروقات.
وسيوجه الحيز المالي الذي سيتم تحريره، نتيجة لتخفيض هاتين الفئتين من الإنفاق، بشكل رئيسي، نحو الاستثمارات الهيكلية وكذا النفقات المرتبطة بالحماية الاجتماعية.
ونتيجة لهذا فمن المتوقع أن يتحسن عجز الموازنة الأولي غير الاستخراجي إلى 11.40 مليار أوقية بحلول سنة 2026، مقارنة بـ 19.63 مليار أوقية في سنة 2023، وسيأخذ العجز العام للموازنة نفس المنحى والذي من المتوقع أن يصل إلى 10.84 مليار أوقية في سنة 2023 ليواصل الانخفاض تدريجيا حتى يستقر عند 1.83 مليار أوقية في أفق 2026، وذلك نتيجة تعزيز التحصيل الضريبي والإيرادات المتوقعة من استغلال الغاز، والآثار الجانبية على قطاعات النشاط الاقتصادي الأخرى.
وتعتبر هذه الوثيقة الميزانوية متجانسة مع التعهدات المتضمنة في البرنامج الاقتصادي والمالي الجديد 2023-2025 المدعوم من طرف التسهيل الائتماني الموسع لصندوق النقد الدولي وآليات هذا التسهيل.