الخميس 10 أغسطس 2023 1:38 مساءً - بتوقيت القدس العالم العربي ومخاطر الجرائم الالكترونية !! / أسعد سالم

جمعة, 08/11/2023 - 06:34

باحث ومتخصص في الأمن السيبراني.....

تتنوع الجرائم في مسمياتها وتصنيفاتها حسب المكان التي وقعت به والاليات التي نفذت بها والاسباب والاهداف التي ادت الى وقوعها، وبما ان الفضاء الرقمي أصبح وسيلة نقضي من خلاله اغلب اوقاتنا وننجز العديد من معاملاتنا اليومية من خلاله مما جعله عرضة للاستغلال من أجل تنفيذ الجرائم ، وكلما تطور العالم الافتراضي كلما تطورت الجريمة الالكترونية.

لم يجمع العالم حتى يومنا هذا على تعريف واضح وصريح للجريمة الالكترونية وانما اكتفت العديد من الدول والتي تمتلك نضوج في ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في وضع قوانين وعقوبات للجرائم الالكترونية بحسب تصنيفاتها المبنية على الدوافع والاثار الناجمة عنها فقط ، وعلى الرغم من ذلك الا ان العالم اليوم يجمع على ان الجريمة الالكترونية هي جريمة مكتلمة الاركان تتوفر بها كل عناصر الجريمة من الجاني والمجني عليه وتوفر مسرح للجريمة (الفضاء الرقمي) وادات الجريمة.

لقد بذلت العديد من الجهود الدولية لمكافحة الجريمة الالكترونية ومنها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة العابرة للحدود (في العام 2000) حيث تعتبر هذه الاتفاقية إطارًا دوليًا لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتعزيز التعاون الدولي ، بالإضافة الى قيام بعض الدول بعقد بعض الاتفاقيات فيما بينها بهدف تعزيز مكافحة الجريمة الالكترونية وتبادل الخبرات ومنها على سبيل المثال اتفاقية المجلس الأوروبي للجرائم الالكترونية في العام 2001 والتي تم تعديلها في العام 2013 ، وكذلك اتفاقية التجارة الالكترونية التي عقدتها دول المحيط الهادئ والتي تعرف باسم CPTPP في العام 2018.

وبما أن الفضاء الرقمي جعل العالم بيئة واحدة متصلة فيما بينها كان ذلك عاملا مساعدا في تنامي خطورة الجريمة الالكترونية حيث انها اصبحت جريمة عابرة للحدود !! وهي اصبحت اليوم اخطر من الجرائم التقليدية ويطلق عليها البعض اسم الجريمة الناعمة كونه في العديد من الاحيان يتم اكتشاف اثارها بعد فترة طويلة من وقوعها ، وبعض هذه الجرائم اصبح اليوم بمثابة حروب بين الدول تسعى من خلالها الدولة المهاجمة الى تعطيل مصالح الدولة الخصم من خلال استهداف انظمتها وتعطيل خدماتها او سرقة بياناتها بل وتطورت الى ان اصبحت تخاض من خلالها حروب وجودية كما هو دائر اليوم في الحرب بين روسيا و أوكرانيا حيث تم استخدام الادوات والمعدات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي في الحرب الدائرة بين البلدين والتسابق في بناء انظمة تعمل على تعطيل انظمة الجهة المقابلة او التشويش عليها وانظمة تعمل على الرصد والتحليل وجمع المعلومات الحساسة عن الجهة المعادية . بالإضافة الى ذلك تتسبب الجرائم الإلكترونية في خسائر هائلة اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث تتسبب في فقدان الأموال والبيانات الحساسة، وتعرض الأفراد والشركات للابتزاز والتشهير، مما يؤثر بشكل سلبي على الثقة بين المؤسسات والأفراد.

وبناءاً على ما سبق يتطلب منا اليوم في عالمنا العربي الى التوقف واعادة التقييم لمدى خطورة الجرائم الالكترونية على كامل الاصعدة وفي كافة القطاعات والعمل على تطوير الاستراتيجيات لمواجهتها وسن القوانين اللازمة لتشكل عقوبة رادعة وتحديد اشكال الملاحقة الدولية لمرتكبيها والعمل على التعاون المشترك في تبادل الخبرات ومكافحة الجريمة الالكترونية بين الدول العربية اسوة بتجارب الدول المتقدمة كالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ودول المحيط الهادئ.

ان تطوير استراتيجيات وتقنيات مكافحة الجريمة الالكترونية هو بمثابة البوابة الذهبية لأي دولة تسعى لأخذ مكانتها بين الدول المتقدمة كون مكافحة الجريمة الالكترونية هو مساهمة فاعلة في الحفاظ على السلم والأمن العالمي كونها جريمة عابرة للحدود تؤرق الدول والجهات التنفيذية وتتسبب في اضرار على مستوى الافراد والمجتمع وعلى مستوى الاقتصاد والأمن القومي لأي دولة.

الفيديو

تابعونا على الفيس