لقد تعلمنا من تراثنا الإسلامي الموروث عن أجدادنا أن الحكمة ضالة المؤمن و أن السماحة تأتي في مقدمة قيم الإسلام ومثله العليا و أن المسلم الراغب في الأجر والخائف من الوزر يجب أن يكون حريصًا علي إمعان النظر في القول و الفعل و التأكد من مدي مطابقتها لكتاب الله و سنة رسوله محمد عليه أفضل الصلاة و أزكي التسليم .
و نحن إذ نسير على هذا الهدي فإننا نشد علي أيدي علماء البلاد الذين سبقونا بالإيمان و عضوا بالنواجذ علي القيم الإسلامية الصحيحة المستوحاة من الدين الحنيف و السنة النبوية الشريفة و الشريعة الغراء التي هي مصدر التشريع المعتمد من طرف الدولة الموريتانية و نقتفي أثرهم في التشبث بثوابت الأمة و إحياء السنة و محاربة البدع و في كل ما ينفع الناس و يمكث في الأرض .
فالفقيه سيدي عبدالله بن الحاج إبراهيم علي سبيل المثال أطلق مشروعا للإصلاح المجتمعي خلال القرن السابع عشر ميلادي مبني علي ربط النصوص الفقهية بالواقع الذي يعيشه المجتمع و البحث عن سبل تنزيلها على التجربة الحياتية للأفراد و ذلك استنادًا إلي مقاصد “درأ المفاسد و جلب المصالح”مع الأخذ بعين الإعتبار لمختلف الأبعاد الإجتماعية و الإقتصادية و الدينية .
و علي ذكر التأسي بمنهج جلب المصالح فإننا نقر اليوم في ظل الدولة الحديثة بأهمية التقيد بالحكامة كمظهر للحكم الصالح أو الراشد لإيجاد الحلول الملائمة لقضايا الديموقراطية و حقوق الإنسان و دورها المحوري في ضمان حقوق المواطنين و كرامتهم و تلبية طموحاتهم في التقدم و الرفاه المشترك و في توفير الآليات المناسبة لتقويم السياسات الحكومية و تصحيحها و التصدي عند الإقتضاء لكافة أشكال إساءة إستخدام السلطة و النفوذ .
و ذلك كله من أجل السعي لتحقيق التنمية البشرية الشاملة و المستديمة التي تضمن العدالة في كل أبعادها الوطنية.(عدالة بين فئات المجتمع و مناطق البلاد و بين جميع مواطنيها).
و هذه القضايا الجوهرية جميعها تحتل الصدارة في برنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وقد تم تضمينها ضمن السياسة العامة للحكومة التي تم عرضها مؤخرا على البرلمان.
و عليه ، فإننا نهيب بالغرفة البرلمانية أن تضطلع بدورها المهم في التشريع و التقييم و الرقابة الصارمة علي العمل الحكومي المنصوص عليه دستوريًا و الإبتعاد عن كل ما يسيء إلي الوطن ورموزه . فالإساءة مهما كانت مقصودة أو غير مقصودة تبقي إساءة و الاوطان لا تبني بالشتم و السب و التحريض علي الإنقلابات و إشعال الفتن بل بالقناعة و الصبر و تغليب المصالح العليا علي ما سواها .
و تبقي ثقتنا بالله كبيرة و في رئيس الجمهورية الذي نعول علي حكمته وصبره و سعة صدره و علي مقاربته الناجعة و الناجحة في تفويت الفرصة علي أعداء الوطن في الداخل و الخارج التي أثبتت جدارتها و هو ما نأمل أن يتكرر هذه المرة مع ءولائك الذين يستغلون أحداث البرلمان الأخيرة لصب النار علي الزيت و النيل من إستقرار البلاد و المساس بأمنها . فالجهر بالأقوال التي لا تليق تضر بأصحابها قبل غيرهم و أي إساءة مهما عظمت تموت حتما بتجاهلها و إن تعفوا أقرب للتقوي .