اصدر المجلس الوطني لحماية الوطن (CNSP[i]) في النيجر بيانا قرأه أحد قادة الانقلاب العسكري على أمواج التلفزيون الوطني يحذر فيه المجلس من أي تدخل عسكري أجنبي في البلد. وحسب البيان، فإن عناصر من النظام المطاح به لجأوا إلى ممثليات لدول أجنبية يطلبون منها تدخلا عسكريا.
تساؤلاتٌ محيَرة
كان البيان مقتضبا جدا لدرجة مثيرة للتساؤل : تُرى ما هي دلالات هذه التحذيرات والاتهامات الخطيرة ؟
الجواب يتوقف على عوامل عديدة:
أولا: هل المخاوف المذكورة مبررة حقا، أي: على أساس أي معلومات بُنيتْ؟
ثانيا: من هي الدول التي لها مصلحة وإمكانيات للتدخل العسكري في النيجر؟
ثالثا: حتى إن توفرت الشروط السابقة الذكر (وجود مؤشرات حقيقية على التدخل، جهة أجنبية لها فيه مصلحة ولديها الإمكانيات العسكرية)، هل احتمال تدخل عسكري أجنبي وارد سياسيا؟
معطيات موضوعية قابلة للإستغلال السياسي
تشكل الطاقة النووية 72% من إنتاج الكهرباء في فرنسا.
تستورد فرنسا من النيجر أكثر من 2000 طن من اليورانيوم، أي: ما يزيد على 34 % من حاجياتها من اليورانيوم الطبيعي المستخذم لتغذية محطاتها النووية.
يوجد في النيجر أكثر من 3000 جندي اجنبي من الدول الغربية يتوزعون حسب جنسياتهم على النحو التالي:
1500 جندي فرنسي، بالإضافة إلى مفرزات من القوات الخاصة الفرنسية لا يعلَن عادة عن عددها ولا نوعها؛
1000 جندي أمريكي؛
300 جندي إيطالي؛
100 جندي ألماني.
اللعب على وتيرة المشاعر الوطنية
بناء على المعطيات السابقة، فمن الوارد أن تكون مخاوف الإنقلابيين وتحذيراتهم موجهة ضمنيا ضد فرنسا وحلفائها الغربيين، غير أنها لا تكفي لاتهامهم: لا فرنسا ولا الامريكيين لهم الرغبة السياسية في تدخل عسكري في النيجر. فالتكلفة الغالية لتدخلاتهم في الفترات الماضية الأخيرة (برخان، سرفال، افغانستان... ) حاضرة بقوة في أذهانهم وفي الذاكرة الجمعية لمواطنيهم. ومن المستبعد أن يعيدوا الكرة.
ولا اعتقد أن الإنقلابيين النيجريين غافلون عن ذلك. بل على العكس: جعلوا له حسابه، وإلا لما أقدموا على الإطاحة بالرئيس محمد بازوم بتلك السهولة من الناحية العسكرية، وهم يعلمون مسبقا أنه أهم حليف في المنطقة لدى فرنسا وحلفائها الغربيين وأنهم سوف يحمونه.
تحذيرات المجلس الوطني لحماية الوطن من تدخل عسكري أجنبي ينبغي النظر إليها من زواية المناورة الدعائية: محاولة اللعب على الوتيرة الوطنية لشباب ومواطني البلد. إذ لا يخفى على الانقلابيين أنه تولدت في السنوات الأخيرة وتطورت لدى السكان مشاعر مناوئة للوجود الفرنسي والغربي عموما على ترابهم وفي القارة الإفريقية. مشاعر وطنية واسعة الانتشار نسبيا كثيرا ما يعمل الإنقلابيون هم والشعبويون على توظيفها لشرعنة ما يقومون به وكسب تأييد المواطنين.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)