جمعني في الأسبوع الماضي في ضواحي مدينة (المذردرة) لقاء عابر لثوان قليلة مع الحيوان الظاهر على الصورة؛ ولأنني أعلم أن الجربوع- أو اليربوع، كما يسمى أيضا بالعربية- لا يصدر منه أي أذى للبشر، كان بودي أن اقترب منه بلطف غير أنه لم يرغب في رفقتي بل هرب بسرعة البرق واختفى.
وتذكرت حينها كيف ارتبط اسمه في مخيلتي منذ السنوات الأولى من مساري المهني بأشد أسلحة التدمير الشامل فتكا. فتعجبتُ: رغم كون هذا الحيوان الصغير مسالما تماما، فإنه لم ينج من أن يكون عنوانا لعملية تجريب لأشد الأسلحة دمارا وفتكا. إذ أن فرنسا أطلقت اسم "اليربوع الأزرق" على أول تفجير أجرته للقنبلة الذرية. تم ذلك في 13 فبراير 1960 عند موقع (حمودية) بمنطقة (الركان) في الصحراء في جنوب الجزائر. وتعتبر تلك التجربة هي أشد أولي التفجيرات الذرية قوة لحد الآن.
ثم واصل بعدها الخبراء والعسكريون الفرنسيون تجاربهم النووية في الصحراء الجزائرية حتى عام 1966، حيث بلغ عددها 17 تفجيرا : منها اربعة جوية، و11 تحت الأرض في منطقة الهوقار الجبلية، وحاد أحدها عن ما كان مبرمجا حيث خرجت النيران والسحابة النووية من باطن الجبل إلى سطح الأرض وإلى الغلاف الجوي مما أدى إلى أضرار بشرية ومادية.
ويعتقد كثير من الخبراء بأن تلك التفجيرات، الباطنية والجوية، خلفت نفايات وإشعاعات نووية لوثت المنطقة وتضرر منها السكان. ويُخشى أن تكون أضرارها قد تعدتْ الحيز الجغرافي القريب إلى ابعد منه لتبلغ بعض الدول المجاورة ذكرت تقارير أن النيجر و مالي من ضمنها. وبالإضافة لهما، فقد تقدمت جهات ليبية بدعوى أمام القضاء ضد الحكومة الفرنسية.
أين موريتانيا من هذا الأمر؟ هل نحن في مأمن من المخاوف والأضرار النووية الناتجة عن "الجربوع الأخضر’’ وما تلاه من تفجيرات نووية قامت بها فرنسا في منطقة الصحراء التي نتقاسمها مع الجزائر والدول السابقة الذكر ؟
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)