رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو اقامة دولة فلسطينية هي تأكيد جديد كما أكدناه أكثر من مرة بأن دولة الاحتلال لا ترغب ولا تريد السلام، وان ما تقوم به على الارض من استيطان وضم وتوسع وتهويد الى جانب اعتداءات المستوطنين دليل واضح على ذلك، إلا للذين على أعينهم غشاوة والذين لا يزالون يراهنون على الخارج من اجل حل الدولتين الذي بات بعيد المنال كما ذكر الرئيس الاميركي بايدن عقب تسلمه للرئاسة الاميركية بقليل، الامر الذي يجعلنا نقول بأن هذا الرفض لا جديدفيه بل إعادة تأكيد للمؤكد.
فدولة الاحتلال التي تزعم ليل نهار بأنها مع السلام وانه لا يوجد شريك فلسطيني لتحقيق هذا السلام، هو كذب ومحاولة لكسب الوقت لتنفيذ سياساتها على الارض للحيلولة دون تحقيق السلام ودون اقامة دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وفق الرؤية الدولية التي أكدت على ذلك، غير ان دولة الاحتلال عملت ولا تزال تعمل على وأد هذه الرؤية من خلال ما تقوم به من فرض أمر واقع على الارض المحتلة.
فالهجمة الاستيطانية المسعورة والمتصاعدة خاصة في ظل حكومة نتنياهو الحالية والتي هي اكثر يمينية وتطرفاً وعنصرية، وكذلك اقامة المزيد من البؤر الاستيطانية ودعوة عصابات التلال لاقامة المزيد من هذه البؤر على رؤوس التلال، الى جانب الجرائم والاعتداءات التي تنفذها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ضد شعبنا وأرضه وممتلكاته ومقدساته، والتي طالت مؤخراً احراق المنازل والسيارات والاراضي الزراعية وأشجار الزيتون واطلاق الرصاص الحي على المواطنين ما ادى الى وقوع شهداء وجرحى، وكذلك حملات الاعتقال التي طالت الكبير والصغير والنساء، كلها هدفها الضغط على شعبنا من اجل الرحيل عن ارضه وبلاده، لإحلال المزيد من المستوطنين بدلاً منهم على الارض الفلسطينية، وهذا الامر هو اكبر دليل على ان دولة الاحتلال لا تريد السلام بل تعمل على ضم الضفة والقيام بأوسع عمليات تطهير عرقي اذا ما سنحت الظروف بذلك، وان لم تسنح فإن ارهاب المستوطنين وقوات الاحتلال ستقوم بالمهمة في اعتقاد دولة الاحتلال واجهزتها الامنية وقطعان المستوطنين المدعومين من الدولة واجهزتها المختلفة.
وقد صرح اكثر من مسؤول في حكومة نتنياهو ومسؤولين آخرين في كافة الحكومات الاحتلالية بأن الضفة هي يهودية وانه لا مكان للفلسطينيين فيها، وان ضمها مسألة وقت فقط، وان على الفلسطينيين الرحيل عنها، وان كل فلسطين هي يهودية بل ان الهدف الاكبر هو اقامة دولة الاحتلال من النيل الى الفرات.
ان هذا الاعتراف الواضح والصريح من قبل نتنياهو بأنه ينبغي قطع تطلعاتهم بإقامة دولة فلسطينية، يجب ان تدفع الجميع الفلسطيني على إعادة النظر في السياسات المتبعة حالياً سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي، فالأمور باتت لا تحتمل اضاعة الوقت والمماطلة والاكتفاء بإصدار بيانات الشجب والاستنكار ومطالبة امريكا حليفة دولة الاحتلال بالضغط عليها وكذلك مطالبة المجتمع الدولي بوقف سياسات وجرائم الاحتلال.
انه قبل ذلك يجب ان يتم اعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أسس وحدوية وانهاء الانقسام الاسود ووضع برنامج عمل موحد وخطة استراتيجية يتم تنفيذها على الارض لمواجهة ما تقوم به دولة الاحتلال من اجل حسم الصراع لصالحها. وبدون ذلك فإن دولة الاحتلال ستواصل سياساتها وعندها لا ينفع الندم وسيدفع شعبنا المزيد من التضحيات ولن يرحم التاريخ أحداً.
المصدر : القدس