
أكد بيان صادر عن وزارة الصحة الموريتانية يوم أمس الأحد وفاة شخص واحد على الأقل وإصابة آخرين بحمى نزيفية تعرف تحت اسم "حمى الوادي المتصدع"، وهي الحمى التي سجلت انتشاراً في موريتانيا خلال السنوات الخمس الأخيرة وشكلت مصدر قلق دائم للموريتانيين.
تعد حمى الوادي المتصدع من الأمراض الفيروسية التي تصيب الحيوانات، مع إمكانية الانتقال إلى الإنسان؛ وفي الغالبية العظمى من الحالات تصيب الرجال الشباب الذين هم على احتكاك بحيوانات الماشية المصابة، وبشكل خاص الإبل والغنم.
ويحمل هذا الفيروس اسم منطقة الوادي المتصدع في دولة كينيا، حيث اكتشف لأول مرة في عام 1931؛ وانتشر هذا الوباء في كينيا قبل أن ينتقل إلى الصومال وتنزانيا؛ ليظهر بعد ذلك خارج القارة الأفريقية في اليمن والسعودية عام 2000.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة سجلت حمى الوادي المتصدع انتشاراً متقطعاً في عدة مناطق بموريتانيا، بدأت في شهر أكتوبر من عام 2010 عندما ظهرت للمرة الأولى في منطقة "لكرارة الصفرة" بولاية آدرار في الشمال الموريتاني، حيث أسفرت عن نفوق عشرات رؤوس الإبل.
وتضاربت الأنباء آنذاك حول حجم الوفيات التي خلفتها الحمى في المناطق الريفية النائية، فيما أوفدت وزارة الصحة بعثات صحية للمناطق التي ظهر فيها المرض، وأعلنت أنها تسيطر على الوضع بشكل تام.
في غضون ذلك ظهر وزير الصحة آنذاك الشيخ المختار ولد حرمة في التلفزيون الرسمي ليؤكد عدم وجود علاج للحمى، واعتمد آنذاك إستراتيجية تشجع على الوقاية من المرض من خلال عدم أكل اللحوم غير المطهوة جيدا وشرب الألبان غير المغلية والنوم تحت الناموسيات المشبعة.
عادت حمى الوادي المتصدع للظهور مجدداً في موريتانيا عام 2012، ولكن بقوة هذه المرة حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية وفاة 17 شخصاً من أصل 34 حالة إصابة سجلتها وزارة الصحة في الفترة ما بين 16 سبتمبر و27 أكتوبر 2012.
وانتشر المرض في ست مناطق بموريتانيا آنذاك، فيما كانت بؤرة تمركزه في منطقة لبراكنه، جنوبي البلاد؛ في حين أوضحت وزارة الصحة أن جميع المصابين بالمرض كانوا على اتصال مباشر مع حيوانات مصابة، فيما لم تكشف أي تفاصيل أخرى حول الموضوع.
على الرغم من تزايد وتيرة ظهور هذه الحمى في السنوات الأخيرة، إلا أن ظهورها الأول يعود لسنة 1982؛ قبل أن تتسبب في مصرع 300 شخص في منطقة نهر السنغال عام 1987، وتم تشخيصها بشكل خاطئ آنذاك على أنها "الحمى الصفراء"؛ وعادت حمى الوادي المتصدع للظهور في منطقة الحوض الغربي عام 1999 متسببة في مصرع 9 أشخاص من رعاة الإبل.
اليوم تؤكد وزارة الصحة ظهور حالات إصابة من هذه الحمى وذلك بعد تحاليل مخبرية أجريت على عينات من دم شخص توفي بعد إصابته بحمى نزيفية في المركز الصحي في مقطع لحجار، وهو القادم من مقاطعة المجرية في وسط البلاد.
الوزارة أعلنت في بيان صحفي أنها شكلت بعثة مشتركة مع وزارة البيطرة، جابت كافة البلديات التابعة لمقاطعة المجرية بهدف توعية وتحسيس السكان حول مخاطر الحميات النزفية الفيروسية ووسائل الوقاية منها مع البحث عن أي حالات إصابة محتملة، وتتبع الأشخاص الذين تواصلوا مع المصابين.
في الوقت ذاته أكدت الوزارة أن المصابين بالحمى تم عزلهم بشكل تام والتكفل بهم على مستوى الوحدات الاستشفائية وحالاتهم في طور التحسن، ونفت أن يكون لهؤلاء المصابين أي تواصل مع البلدان التي ينتشر فيها فيروس "إيبولا" في محاولة لمنع انتشار الشائعات في الشارع.
الوزارة أشارت إلى أن ظهور حمى الوادي المتصدع يدخل في سياق "حالات معزولة" من الحميات النزيفية تظهر خلال كافة مواسم الخريف ويتم التكفل بها جيدا من طرف الوحدات الصحية وتتطور إلى الأحسن، وفق تعبير الوزارة.