الكاميكازيون الجدد، والخطر القادم على روسيا والصين

خميس, 04/27/2023 - 08:55

الأسيرين ياسر أبو بكر ومراد حميدان
في 28 أكتوبر 2022م نشرت الصحيفة الإسرائيلية "يديعوت أحرنوت" في ملحقها مقالة بعنوان "الكاميكازيون الجدد" في إشارة للطائرات المسيرة المنتحرة الإيرانية الصنع التي ضربت أوكرانيا، وفي هذا الجزء نستعرض أهم ما يمكن الإشارة له والتعليق عليه في هذا الإطار:

1- سار كاتب المقال بمسار متعرج صعوداً ونزولاً وهبوطاً طيلة صفحات مقاله الطويل، ما بين الشعور بالرعب، والمأزق الذي يعيشه الإسرائيليون ومؤسساتهم العسكرية والأمنية أمام تطور القدرات الإيرانية من جهة، وما بين محاولات التبخيس بالتكنولوجيا البسيطة التي توصل لها الإيرانيون من جهة أخرى.

2- بنفس الوقت كان يصل لنتائج تثير لديه كثيراً من المخاوف جاءت على شكل تساؤلات عديدة طرحها في سياق مقاله؛ ليؤكد "ليس اليهود وحدهم من لديهم عقول"، وليؤكد أن وجه الحرب القادمة سيتغير.

3- ينقل الكاتب ويؤكد حالة توازن الرعب التي فرضها الإيرانيون على إسرائيل بالرغم من تركيزه على موضوع واحد وهو الطائرات المسيرة، ويحاول بنفس الوقت طمأنة الجمهور الإسرائيلي بالتأكيد على أن إسرائيل نجحت في تطوير منظوماتها الدفاعية وماضية في تطويرها وآخرها منظومة الليزر، ثم لا يستطيع أن ينفي حالة الذعر والرعب والذهول التي سيدخل فيها الإسرائيليون إن تمكن حزب الله ذراع إيران في المنطقة يوماً من ضرب وزارة الدفاع في تل أبيب، وهو تعبير يخفي في طياته الكثير مما يعمل في صدور الإسرائيليين من هلع ورعب.

4- يأتي هذا المقال وما سبقه وما تلاه من مقالات وتقارير وتصريحات وتحليلات سياسية ليؤكد على أن إسرائيل حكومةً وجيشاً وشعباً باتت تعتبر أن الخطر الاستراتيجي الأول الذي يهددها قادم من إيران، وليس من الصراع مع الفلسطينيين وبالذات بعدما تعزز أمنها الداخلي بشكل ملحوظ من خلال غياب العمليات الفدائية وبالذات التفجيرية منها في الداخل، وما عاد اليوم سوى 8% من الشعب الإسرائيلي (وفقاً لأحدث الاستطلاعات) يعتبر أن القضية الأهم في إسرائيل هي الصراع مع الفلسطينيين.

5- "إيهود يعاري" المحلل السياسي الإسرائيلي في القناة الإسرائيلية 12 اعتبر أن الحرب مع إيران قائمة، وشكل الحرب التي يريدها الإيرانيون مع إسرائيل هو ليس المواجهة المباشرة، وإنما عبر استخدام أذرعها في المنطقة لإشغال إسرائيل فيها، واعتبر أن الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان في 9-4-2023م على شمال إسرائيل، وصواريخ حماس التي تنطلق من غزة والعمليات في الضفة وآخرها عملية إطلاق النار على ثلاث مستوطِنات في الجفتلك كلها تأتي في إطار هذه الحرب التي تقوم إيران بدعمها.

6- تحول الاعتداء على القدس والمصليين في الأقصى في رمضان برغم خطورته إلى حدث عابر عندما تم توجيه كل الأنظار وعن قصد نحو الخطر الإيراني الذي يقف مع ذراعه حزب الله خلف إطلاق الصواريخ من لبنان

7- الخطاب الرسمي وغير الرسمي الإسرائيلي وجه اتهاماته بالعلن نحو حماس وسراً نحو حزب الله الذي خلق توازناً للرعب مع إسرائيل أكثر من غيره، ومن خلفها إيران وكل ذلك يؤكد أن إيران هي الهدف اليوم بالنسبة لإسرائيل وهي الخطر الذي يجب التخلص منه.

8- تحت عنوان "العنوان هو طهران" في مقالة للكاتب الإسرائيلي "يوسي يهوشوع" يوم 9-4-2023م في صحيفة يديعوت أحرنوت، جاء فيها: "بالمداولات والنقاشات التي قام فيها الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية قدم الجيش موقفاً واضحاً قال فيه: نحن في مواجهة مباشرة مع الإيرانيين الذين يحاولون تسخين كل الجبهات، والذين حولوا الفلسطينيين كمبعوث خاص لهم للإرهاب في الضفة وغزة وبأوساط عرب إسرائيل".

9- يضيف ذات الكاتب بذات المقال: "الفرصة المناسبة للإيرانيين جاءت ليقوموا بتدفيع إسرائيل ثمن هجومها على أراضي سوريا وإيران، وأن ذلك بتعليمات عليا من خامنئي".

10- وهكذا الأمور تتوضح أكثر فأكثر العنوان هو طهران، وإسرائيل تُعِد العُدَّة لحربها القادمة معها.

11- لا شك أن إسرائيل هي أحد أهم منتجي السلاح في العالم وخصوصاً الأسلحة ذات التقنية العالية وهو ما جعل كثيراً من الدول يجد نفسه مضطراً لتعزيز علاقاته معها، بهدف الحصول على الأسلحة المتقدمة، ما مكنها من أن تكون من دول المركز.

12- دول المركز التي أصبحت المعرفة فيها العنصر الجوهري تعمل على إعادة إنتاج التخلف بتوسيع الفجوة بينها وبين دول الأطراف وعدم تمكينهم من التنمية المستدامة، وهو ما يحافظ على مستقبل إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط كمركز.

13- أن التتبيع (في مصطلح آخر التطبيع) مع دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة العرب يأتي كنتاج للتفوق الإسرائيلي وفي إطار سياق تكريس الدور السياسي والعسكري والاقتصادي لإسرائيل كمركز وإبقاء الاقتصادات الأخرى في المنطقة كأطراف في تخلف مستدام تابع لهذا المركز.

14- إن قوة مثل تلك القوة وفقاً لهذه الاستراتيجية ستلجم حركة الأعداء ولذلك فإن أي تحرك إيراني يحاول الخروج من موقع دول الأطراف وباتجاه الاقتراب من دول المركز الإقليمي المؤثر في المنطقة سيواجه بردة فعل قوية من دولة المركز المؤثرة في المنطقة (إسرائيل) وهو ما يدفع إسرائيل للعمل في عدة اتجاهات:

■ أولاً: الاستمرار في التطور وإنتاج المعرفة والسلاح الحديث واحتواء التقنية العالمية ودوام التطور فيها.

■ ثانياً: الاستمرار في فتح آفاق التتبيع "التطبيع" مع الدول العربية ودول المنطقة وتطويرها إلى الدرجة التي تسهل استدراج اقتصادات هذه الدول لتصبح تابعة وغير قادرة على الانفكاك عن التأثير السياسي والاقتصادي الإسرائيلي وتحت وصاية السياسة العسكرية الأمنية الإسرائيلية.

■ ثالثاً: الاستمرار في جر الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها في توجهاتها المعادية لإيران وتطويرها لقدراتها العسكرية وعبر تصعيد العقوبات عليها وخنق اقتصادها.

■ رابعاً: الاستمرار في ضرب وملاحقة أذرع إيران في المنطقة وعلى كافة الجبهات التي تفترضها إسرائيل سواء في الضفة أو غزة أو لبنان أو سوريا.

15- إن توجيه ضربة عسكرية لإيران هي مسألة وقت، ومقدمات ذلك واضحة والتي تتمثل باستمرار العقوبات على إيران وتضاعفها التدريجي وشأن ذلك ما حصل من عراق صدام عندما تم التهيئة للضربة العسكرية بعقوبات استمرت 13 عاماً.

16- يأتي تأخير هذه الضربة للحاجة الأمريكية الإسرائيلية للتأكد من عدم وجود خطر سيهدد أمن إسرائيل جراء الضربة وخصوصاً من حزب الله وربما من حركة حماس.

17- لذلك تنشط أمريكا وإسرائيل في محاولات تفكيك تلك الأحزاب أو إذابتها من الداخل وإشغالها بشؤونها الداخلية عبر خلق نزاعات داخلية تبدد جهود تطوير أدوات المقاومة العسكرية فيها، وتشغلها بجهود الحفاظ على الحكم والسلطة:

أ‌- ويمكن الإشارة إلى أن استمرار الانقسام الفلسطيني والخلاف الحاد بين فتح وحماس ومحاولات تأبيده أصبح مسألة أمنية عليا إسرائيلية أمريكية لتحييد خطرهما ودفع القضية الفلسطينية إلى الركن المظلم وفي هامش القضايا التي يتطلع العالم إلى حلها.

ب‌- كما يمكن الإشارة إلى استمرار الانقسام الطائفي اللبناني والخلاف الحاد بين حزب الله وباقي أحزاب الطوائف الأخرى في لبنان، ومحاولات تعميقه، وهو أيضاً مصلحة أمنية عليا إسرائيلية أمريكية تهدف لتحييد خطر القوة العسكرية لحزب الله.

18- إن ما تقوم به إسرائيل وبشكل يومي من اختراق استخباري أمني عالي الدقة لسوريا وضربها للقوافل التي تحمل السلاح لحزب الله -وفقاً لزعمها- ومحاولاتها منع حصول حزب الله على تقنيات تحسين أداء صواريخها وتجعلها أكثر دقة، وتطوير إسرائيل لمنظوماتها الدفاعية ضد الصواريخ والطائرات المسيرة ورصد المليارات من الدولارات من أجل ذلك، كلها تأتي في إطار التحضير لما هو قادم.

19- إن توازن الرعب الذي تخلقه إيران عبر أذرعها وبالذات حزب الله يجبر إسرائيل على جلوس القرفصاء بانتظار اللحظة التي يتم فيها تحييد هذه الأذرع عن ساحة المعركة القادمة، للانقضاض على إيران، وبلا شك ستكون الضربة قاسية تُدمر كل منشآت إيران النووية والعسكرية.

20- إن الهدف هو طهران وما وراء هذا الهدف ردع كل من حولها أو يدعمها ولذلك فإن إسرائيل هي الخطر القادم ليس على المنطقة وحسب بل على روسيا والصين وهذا ما يجب أن تفهمانه .

الفيديو

تابعونا على الفيس