لا ترحل الطيور عن أعشاشها الخربة / الولي ولد سيدي هيبه

اثنين, 09/28/2015 - 23:35

يجوب المرء العالم بحثاً عما يحتاجه ويعود إلى وطنه ليجد ما كان يبحث عنه هناك – جورج إدوارد مور

من الأفضل أن تسافر بشكل جيد على أن تصل - بوذا

و ترى كل وزير جديد و مسؤول مغمور ـ تأتي به أقدار التوازنات التقليدية المزمنة إلى طاولة مجلس الوزراء الأسبوعي فيعهد به إلى الإجراءات الخصوصية التي يشفع بها على العادة

بيانه الختامي ـ فيعلن إرضاء لعقلية التقاسم المستشرية في عقول أهل هذه البلاد على إتباع منطق "السيبة" العصي، بغير ما خلفية مستمدة من التجربة الميدانية الفعالة أو العلمية المعطاء أو الاختصاصية في الأداء من أي مستوى يكون أو إدارية محققة أو سياسية برؤيا محددة ـ تراه يجوب وزيرا إذا أو مسؤولا عواصم العالم بحجة التمثيل و المشاركة باسم البلد و يحضر مؤتمرات و لقاءات و يوقع على معاهدات، و يستأثر بالمشاركة في الاجتماعات و المحادثات حول العالم، ما يتطلب صرف مبالغ كبيرة من الخزينة العامة على ذلك و ليرجع من بعد حضور و تمثيل باهتين إلى البلاد بنتائج أقرب إلى الصفر لخلوها من أي مردود يمكن ذكره و تثمينه اللهم ما يكون من ثمار مادية يجنيها فرسان "الجو الجدد" هؤلاء من هذه الجولات المكوكية حول العالم على شكل استفادة مادية تكبر باضطراد ناهيكم عن فتات بعض ثقافة التحضر البعيدة يؤمنون في محاولة يائسة نشرها على غير هدى لحصول الإجماع حولهم و لتحقيق مآربهم و ضمان ريادتهم.

و إنها الحالة أو الظاهرة التي تتسبب في خسارة جسيمة ذات وجهين كبيرين و سلبيين يأخذان كل أبعادهما المدمرة على مسار و أداء الدولة الضعيف من خلال:

·        ابتعاد هؤلاء المسؤولين بفعل الأسفار المتكررة بوتيرة عالية و العقيمة بنتائجها الهزيلة عن أدراج مكاتبهم المحتوية تراكما كثيفا من الملفات العالقة التي لا سبيل إلى أي تقدم في قطاعاتهم ما لم تجد حلولا تفتح آفاقا سوية و مضاءة إلى التحسن و أداء المهمة في سياقاتها الزمنية و المكانية المحددة لها ضمن مسار التنمية و البناء الذي تنشده البلاد المتخلفة في بنيتها التحتية و شعبها الذي يطحنه الفقر و تحاصره الأمية،

·        و إرباكهم  و هم القادمون في كل مرة من "لا تجربة" حيث أن الذي يقفون عليه في المحافل العالمية التي لا ينقطع عن الجريان سيلها، تقذفه من عل مرتفعات التقدم الهائل من حول بلادهم، هو كذلك طور متقدم على واقع قطاعاتهم التي ما زالت تؤسس لأبجديات مرتكزاتها و تهيئ للخطوة الأولى من الألف ميل، الأمر الذي يستدعي منهم حضورا ذهنيا عاليا و ميدانيا تقييميا و تقويميا على أرض واقعهم المرير.

و إن المتتبع لنشرات الأخبار و محتويات الصحف و المواقع من ناحية، و المواكب لشبه الأنشطة الفنية و العلمية و الإدارية و السياسية من ناحية أخرى، لا بد أن يحتار في عدد الاتفاقيات التي يوقعها مسؤولو البلاد هؤلاء التزاما بمقتضياتها و هي المتعلقة دون تحفظ أو تردد أو تأمل أو تمحيص بكل أوجه الحياة الاقتصادية و الأنشطة العلمية و المحاور الفنية و القانونية و التنظيمية و الأمنية و المناخية و غير ذلك كثير من إملاءات و اشتراطات الحداثة في سياق العولمة.  و لما أن الحيرة ستغلب على تفكيره فإنه سيرتاب كذلك في سرعة توقيعهم و التزامهم بمحتويات بنودها بما و ليس  للبلاد فيه ناقة أو أجمل و كما أنهم ليسوا بأقرب استنتاجات المنطق مسؤولين عنها و لا معنيين بها لبعد بلادهم علميا و موضوعيا و عمليا عن أغلب أطرها و مجالاتها و حيز تطبيقاته اللهم ما يكون من الأمور الشكلية في إطار النظام العام.

و لأن الأمر بهذا الوضوح و التريث من حق كل بلد اقبل الاندفاع و التوقيع على المعاهدات علما بأن أية معاهدة "تنتج أثارها بين أطرافها ولا تنتقل هذه الآثار إلي الغير، بحيث لا تمنحهم حقوقا ولا تلزمهم بالتزامات إلا برضاهم وهذا ما دعت إليه اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969,1986 حيث نصت المادة 26  "كل معاهدة نافدة تكون ملزمة الأطراف وعليهم تنفيذها بحسن نية " و أن البلاد بهذه الحاجة الماسة إلى ترشيد إمكاناتها التي لا يترك منها النهب و الاحتيال بفعل المافيات القبلية و العشائرية و السياسية الانتهازية و مجتمع مدني أغلبه و أنشطه بأيدي  لوبيات تحابي و لا تبني و رجال "الإهمال" لا الأعمال الذين تصنعهم هذه القوالب و تضع زمام أمورها بأيديهم، فإن تقليص هذه الرحلات المكوكية التي لا تسفر في نهايتها إلا عن تضاعف أعداد البدلات الراقية بعد العري الحضاري و العمل بمقاييس مستوردة بعيدة عن ملامسة الواقع و خلق بؤر جديدة لصرف الأموال الطائلة في غير الصالح العام سعيا حثيثا للالتحاق قريبا بصفوف "مافيات" و "لوبيات" الفساد في أحيائها الراقية و منافسة محلاتها و شركاتها الجديدة و للتقاسم مع أفرادها الصفقات العامة و الأراضي العمومية على الشاطئ و في قلب العاصمتين و غيرهما من المدن النشطة و على الساحل على امتداد الطرق الوطنية و على ضفة النهر و على كل شبر ينبض بنفع مادي.  

الفيديو

تابعونا على الفيس