هل محمد تي المكنى " أبو أسامة"، هو فعلا العقل المدبر للعملية الإرهابية الأخيرة في نواكشوط، بعبارة أخرى: هل هو من صمَّم وموَّل، وقاد عملية فرار "السلفيين" الأربعة من السجن المركزي في العاصمة الموريتانية، خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري؟ أم أنه لعب الدور الحاسم في تنفيذ خطة وتعليمات يتجاوز مسؤوليتَه المنبع الذي صدرتْ منه؟
أميل شخصيا إلى الاحتمال الأخير، رغم أنني لا استبعد أن يكون " أبو أسامة" لعب دورا لا يستهان به في مرحلة التصميم والتخطيط. وربما أن له من جهة أخرى مسؤولية في فشل المرحلة الثانية من العملية، حيث لم تطل مدة هروب زملائه، بعد تمكنهم من الخروج من السجن مسلحين، سوى ستتة أيام: كلنا نتذكر كيف قُتل بعدها ثلاثة منهم واعتقل الرابع بعد مقاومة شرسة تصدوا بها للدرك الوطني في منطقة وعرة بجنوب آدرار، مقاومة أدت إلى استشهاد دركي بالإضافة لشهيدي الحرس الذين قتلوهما بدم بارد في منطقة السجن اثناء خروجهم منه. مما يطرح تساؤلات حول اختيار طريقهم، وحول مَردِّ دمويتهم وعدوانيتهم الشديدة: هل اختيار الطريق الجبلي والرملي الذي سلكوه مرورا بأدرار كان موفقا؟ ومَن كان وراءه؟ ومَن، وكيف، كان وراء تأطيرهم بصورة عامة، داخل السجن وبعد فرارهم منه؟ وما هو دور محمد تي (أبو أسامة) في ذلك كله؟
وعلى نطاق آخر، فقد حيَّرني أن خبر اعتقاله لم يلق تفاعلا كبيرا بقدر ما شاهدناه عند تحييد زملائه الفارين. ولا شك أن تزامن هذه العملية البوليسية مع نشر لوائح المترشحين للانتخابات المقبلة، النيابية، والبلدية والجهوية، له ضلع في كون اعتقاله لم ينل القسط الذي يستحقه من اهتمام الإعلام ورواد شبكات التواصل الاجتماعي. مما يدفعنا إلى التنبيه: لا ينبغي أن تشغلنا الانتخابات والصراعات السياسية الداخلية عن التحدييْن العظيميْن: تحدي الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتحدي التغير المناخي وتدهور البيئة وهو أيضا عابر للحدود.
فالإفراط في الانشغال بالانتخابات قد يؤدي إلى نتيجة عكسية: خلق مناخ غير مؤات لإجرائها. مع ما ينجم عن ذلك من غلو ومسلكيات متشددة يتغذى عليها التطرف العنيف والإرهاب. كما يتم بسبب ذلك الإفراط والتفريط اهمال ملفات وتحديات كبيرة، على رأسها التغير المناخي ومخلفاته. ويلاحظ الغياب شبه التام لهذا الموضوع في الخطابات الإنتخابية الراهنة أيا كانت الجهة التي تصدر عنها.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)