بقلم:د. هاني العقاد
الأسبوع الماضي اجتمع (كابينت الحرب) في تل ابيب وناقش سبل الرد على العمليات الفدائية الفلسطينية الفردية التي ينفذها شبان فلسطينيون ويحققوا فيها وجع للكيان اقسى من ذلك الوجع الذي يسببه جيش الاحتلال الصهيوني عند اقتحام المدن الفلسطينية وارتكاب مجازر وقتل الفلسطينيين بدم بارد حتى انها في غالب الأحيان تساوي وجع قلوب أصحاب البيوت التي تهدم امام اعينهم ويبيتون بلا ماوي وينام أطفالهم بعيون حزينة دون كراسات واقلام والعاب, لكن الحقيقة التي يجب ان يدركها كل العالم ان كل حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال مملؤة بالأوجاع ويتساوى فيها كل الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال حتى المهجرين من يعيشون خارج الوطن, لكن من يُهدم له بيت ينتظر في اليوم التالي ان ينفذ فدائي فلسطيني عمليه رد ويكون الوجع بالوجع لهذا المحتل الذي لا يريد ان يفهم المعادلة حتى اللحظة ويركب راسة بممارسة مزيد من التطرف والإجراءات أحادية الجانب التي من شانها ان تقتل أي امل في سلام عادل وشامل يعيد الاستقرار للمنطقة باسرها. الكابينت اتخذ قرارا بشرعنة (9) بؤر استيطانية في الضفة الغربية وبناء عشرات الاف الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة بالقدس واتخاذ العديد من الإجراءات العقابية ضد سكان القدس لهدم بيوت منفذي العمليات واعتقال افراد عائلاتهم وترحيلهم الى الضفة او غزة.
بازار عقوبات وإجراءات احتلاليه سببها ارتفاع منحنى التطرف في دولة الاحتلال والذي لن يؤدي الا الى ارتفاع منحنى المواجهة مع الاحتلال بالمقابل لمواجهة هذه الإجراءات وصد الحرب القذرة التي تشنها حكومة نتنياهو الفاشية والغريب انها تريد ان تستعيد الهدوء من خلالها. العالم يبدو عاجزا عن كبح هذا التطرف ووقف كافة اجراءاته واولها الاستيطان الذي بات يسابق الوقت مستغلين أي حدث او عمليه فدائية لمضاعفته تذرعاً بهذه العمليات مع ان المنهج الحقيقي لحكومة نتنياهو هو منهج التوسع الاستيطاني وكل التحالفات بنيت على هذا الأساس ودون ذلك قد تسقط الحكومة وهذا امر يدركه نتنياهو الذي بات عاجزا عن إرضاء رغبات وزرائه المتطرفين وفي ذات الوقت عاجز عن وقف مخططات الاستيطان بعد انتقاد المجتمع الدولي لحكومته. وزراء خارجية خمس دول كبري هي بريطانيا وفرنسا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا عبروا عن رفضهم لهذه الخطوات واعتبروها خطوات أحادية الجانب من شانها ان تقوض الجهود الرامية للتوصل الى حل الدولتين القائم على التفاوض وشددوا على دعمهم السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط وهو لا يتحقق الا بالمفاوضات بين الأطراف المعنية، الغريب انهم أعلنوا ان الدول الخمس تواصل متابعة التطورات الميدانية التي تؤثر على قابلية حل الدولتين واستقرار المنطقة.
بيان اعلامي مصاغ بطريقة جيدة كمحاولة لفتح ثغرة بسيطة في جدار اليأس المحيط بالفلسطينيين مع ان الغالبية العظمى من المراقبين السياسيين لم يعودوا يؤمنوا بمثل هذه البيانات التي تقول في محتواها ان هذه الدول يمكنها ان تمارس الضغط المطلوب لتتوقف حكومة (نتنياهو بن غفير) عن هذه الإجراءات وتسمح لهم بتمهيد الطريق لأحياء عملية السلام التي ماتت ودفنت تحت اقدام التطرف الصهيوني ولن تعود بالبيانات الإقليمية او حتى الدولية. البيان يعكس حالة القلق الدولي من سلوك هذه الحكومة المتطرف دون ان يرتقي لخطوات عملية لترجمة هذا الرفض بما يؤثر على حكومة نتنياهو ويجبر هذه الحكومة على الانصياع لإرادة المجتمع الدولي الرافضة بحق وحقيقة لهذا الاستيطان المجرم. الحقيقة ان عملية السلام في خطر والمنطقة في خطر ان تركت هذه الحكومة على حل شعرها تنفذ ما تريد وتفعل ما تريد ضاربة عرض الحائط بكل البيانات الرافضة لسياستها حتى اننا بتنا نؤكد ان هذه الحكومة لا يهمها ان يتحقق الامن والاستقرار، ان ما تبحث عنه دولة الاحتلال هو سلام واستقرار كاذب يبنى على رضوخ الفلسطينيين لكل سياسات التطرف التي تنتهجها حكومة نتنياهو بين غفير واولها تشريع الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية على كافة المستوطنات بالضفة الغربية وإعادة البناء في المستوطنات الأربع (غنيم، كديم، حومش، سانور) التي تم اخلاؤها بعد فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 2005 ما يعني الغاء قانون فك الارتباط الذي اتخذه (ارئيل شارون) وكان سببا في إخضاعه لغيبوبة طبية مقصودة تؤدي الى وفاته.
ان جدية بيان وزراء الدول الخمس الكبرى امام اختبار حقيقي في مجلس الامن الذي سينعقد هذا الأسبوع لبحث مشروع قرار قدمته دولة الامارات العربية المتحدة بالتنسيق مع البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة يطالب دولة الاحتلال بالوقف الفوري والكامل لجميع الانشطة الاستيطانية في الأرض المحتلة واعتقد ان هذا المشروع هو اعلامي بالدرجة الاولى لان من الاولى للامارات العربية المتحدة التقدم بمشروع لمجلس الامن بسرعة تنفيذ قرار 2334 عام 2017 الذي اعتبر كل النشاط الاستيطاني نشاطا غير شرعي بالضفة الغربية ويجب ان يتوقف فورا ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم ودولة الاحتلال ترفض بالإجراءات العملية على الأرض تنفيذ هذا القرار او الانصياع لبند واحد منه , الاولى اليوم ان يطالب المشروع مجلس الامن فرض عقوبات على دولة الاحتلال الصهيوني التي لا تحترم قواعد القانون الدولي ولا تابه بحالة استقرار المنطقة وتعرض السلام المنشود لخطر حقيقي . اننا امام حركة مكشوفة للدول الخمس فيما يتعلق بالضغط على دولة الاحتلال لوقف إجراءاتها لان سبل وقف هذه السياسة معروفة و تعرفها هذه الدول لكنها لا تريد المضي فيها لكونها تخشي غضب الحركة الصهيونية التي تتحكم في كثير من سياسات هذه الدولة ما يؤدي بوزراء خارجيتها الخروج ببيانات اعلامية ليس اكثر لا تسمن ولا تغني من جوع بل انها تزيد حالة التوتر بين الطرفين وبزيادة حالة الإحباط لدى الفلسطينيين، ان هذه الدول والتي هي أعضاء ثابتين بمجلس الامن الدولي المكلف بإنفاذ القانون الدولي وحماية استقرار العالم بالإضافة لتوفير الحماية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال تعجز على الأقل على انفاذ برتوكول روما الأساسي كجزء من مهام مجلس الامن الأساسية .