حرق القرآن كراهية وإرهاب

أحد, 02/05/2023 - 08:30

بقلم:علي قباجة

سلكت السويد وهولندا طريق الكراهية، إثر سماحهما لمتطرفين بتمزيق القرآن الكريم وإحراقه، في حادثتين أثارتا استنكار العالم. هذان التصرفان أحدثا استنكاراً لدى الشعوب الإسلامية، ودفعا دولاً عدة إلى الاستنكار، بينما بررت السويد ما جرى على أنه جاء في إطار فردي، لا دخل للحكومة به، على الرغم من أن الحادثة تمت تحت أنظار الشرطة وبحمايتها؛ بل خرج رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون ليدين، مبرراً: «حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون ملائماً»، معرباً عن «تعاطفه» مع الغاضبين على هذه الفعلة، لتكون تصريحاته باهتة، لا ترقى إلى مستوى الحدث الذي أهان نحو 1.5 مليار مسلم.

الدولتان اللتان تعدان من المحرمات الإشادة بالنازية أو الإرهاب في قانونيهما، بإمكانهما وضع حد لهذا التطرف والإسفاف الذي لا يقل أهمية عما تعدانه محرمات؛ إذ إن هذا الحدث لا يمكن وصفه إلا إرهاباً وعنصرية، واعتداء على مخالفيهم بالمعتقد، تماماً كالتنظيمات الإرهابية التي تحاول مصادرة معتقدات الآخرين، وفرض أيديولوجيتها بالقوة.

لكن يبدو أن لدى استوكهولم بالذات مآرب أخرى من وراء الحادثة التي تمت أمام السفارة التركية، في ظل وضع أنقرة شروطاً صارمة، لانضمام هذا البلد الاسكندنافي إلى حلف الناتو، فربما أرادت بإطلاق يد هذا المتطرف، توجيه الإهانة لتركيا في ظل عدم الاستجابة لشروطها، مع العلم أن هذه الخطوة عقّدت من محاولتها الانضمام؛ إذ إن «التشنج» التركي قد زاد، لا سيما بعد أن مهد ما جرى بالسويد، الطريق لمتطرفين آخرين بالقيام بعمل مشابه كالذي جرى على مقربة من مقرّ مجلس النواب الهولندي، بعد أن قام متطرف بإحراق صفحات من المصحف، تحت حماية الأمن أيضاً، الذي قال: إنه منعه من حرقها، لتؤكد هذه الحادثة أن الديمقراطية التي تنادي بها هذه الدولة إلى جانب السويد، منقوصة وعوراء، والحرية لديهما مجتزأة، فهي غير موجودة عند التعدي على الآخر في المعتقد، وبينما تم طرح قانون في الدولتين بإعطاء الحقوق الكاملة للمثليين، ومنع التمييز ضدهم أو النظرة الدونية لهم، على الرغم من لفظ الأديان السماوية، وثقافات عدة لفعلهم، كان الأجدر تجريم من يمس المعتقد.

الخاسر الأكبر من هذا الفعل هما الدولتان أنفسهما؛ حيث واجهتا غضب الشارع الإسلامي برمته، وغير الإسلامي أيضاً، إضافة إلى دعوات للمقاطعة الاقتصادية، فضلاً عن الصورة التي سترسمها الدولتان في أذهان الكثيرين، بأنهما بيئة خصبة للمتطرفين فكرياً، الذين يحتمون بمظلتهما تحت شعار الحرية.

العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر ويعطي الدروس للآخرين، سقط في الاختبار الفعلي، فلا يجوز لمن يطلق العنان للمتطرفين، مطالبة غيره «بصيغة الأمر» بتبني ما يعتقده هو، لأن ذلك يعني الكيل بمكيالين، وتعالياً لن تقبله معظم الشعوب التي تعي تماماً أهداف الاستعمار الفكري الذي تريد هذه الدول فرضه عليها.

القرآن الكريم سيبقى، وستبقى تلاحق من مزقه وحرقه وغض الطرف عن ذلك وصمات العار، لأن المساس بالمقدس لكل الأديان ليس مادة للسخرية أو الإهانة أو توجيه الرسائل السياسية المبطنة. بالاتفاق مع "الخليج"

الفيديو

تابعونا على الفيس