هزت جريمة إعدام الشاب عمار حمدي مفلح «22 عاما» بعد ان اطلق عليه جندي احتلالي النار من مسدسه من مسافة صفر في بلدة حوارة جنوب نابلس، مشاعر الشعب الفلسطيني خاصة وكل من شاهد الفيديو التوثيقي بشكل عام. فقد كان بإمكان الجندي اطلاق النار على قدمي الشاب الذي ادعى انه شكل خطراً على حياته، ولكنه نفذ على ما يبدو قرار المستوى السياسي في اسرائيل حينما أطلق الرصاص فوراً من مسدسه على رأس الشاب مفلح ليسقطه مضرجاً بدمائه وسط مجموعة من الشبان الذين وثقوا الجريمة بالصوت والصورة.
ان هذه الجريمة ما كان لها أن تقع لولا وجود قرار بالقتل من أعلى مستوى سياسي في اسرائيل، حيث ان سهولة الضغط على الزناد أصبحت ثقافة لدى جنود الاحتلال ومنهج عمل ضد كل ما هو فلسطيني، وهو ما ينذر بوقوع المزيد من الجرائم في قادم الأيام، مع وصول غلاة اليمين المتطرف والفاشيين الى سدة الحكم في اسرائيل.
ان هذه الجريمة النكراء التي فجع بها الشعب الفلسطيني الذي يودع الشهيد تلو الآخر وبشكل يومي، يجب ان تستفز الولايات المتحدة الاميركية على وجه الخصوص والمجتمع الدولي من جانب آخر، لاتخاذ اجراءات من شأنها وضع حد لشهوة القتل وغلو التطرف لدى دولة الاحتلال التي تعتبر الدم الفلسطيني رخيصاً وتعطي الضوء الاخضر لجنودها لتصفية أبنائنا بدم بارد وعلى مرأى ومسمع العالم بأسره.
لقد آن الأوان لوضع حد لهذا الاستخفاف وهذه الاستباحة لدمائنا وعلى العالم ان يقول لإسرائيل «كفى» فقد بلغ السيل الزبى.
المرحلة القادمة هي الأسوأ
من المعروف دولياً ان اسرائيل هي دولة احتلال وللعنصرية فيها مكانة كبيرة، ومن الواضح ان المرحلة القادمة بقيادة نتانياهو وجماعته، ستكون الأسوأ ويكون عنوانها ايتمار بن غفير المرشح للمشاركة في الحكومة القادمة في منصب وزير الامن القومي والحصول على صلاحيات واسعة مطلقة على جهاز الشرطة.
وحتى قبل تشكيل الحكومة وافق نتانياهو على طلب بن غفير بتوسيع الاستيطان وشرعنة ١٠٠ بؤرة استيطانية عشوائية فوق الاراضي الفلسطينية، وليس لها أي طابع حكومي أو رسمي.
ومن المعروف ان بن غفير هذا يقود في أغلب الأحيان مجموعات المستوطنين الذين يقتحمون الحرم القدسي الشريف ويحاول تنفيذ خطوات لتغيير الوضع القائم فيه والسماح رسمياً لليهود بإقامة الصلوات التلمودية في ساحاته، وقد شارك في اعتداءات كثيرة ضد الفلسطينيين كما انه كمحام لا يدافع سوى عن متطرفين يهود متهمين بالارهاب والادهى في عقليته وتطرفه هو انه يعلق في مكتبه صورة باروخ جولدشتاين الذي ارتكب مجزرة الحرم الابراهيمي ويصفه بالبطل.
الاتفاق بين هذا العنصري ورئيس الحكومة القادم نتانياهو يثير رفض حتى بعض اليهود الذين لا يحتملون عنصريته، كما ان الادارة الاميركية أبلغت نتانياهو انها لن تتعامل مع أية وزارة يتولاها بن غفير هذا، كما عبرت دول أوروبية مختلفة عن موقف معارض أيضاً. والاكثر تعبيراً عن رفض مواقف بن غفير هذا، ما قاله ضابط الشرطة ارييه عميت، ان هذا العنصري يشكل قائد عصابة وسيحول مفوض الشرطة الى دمية بيده لدى تسلمه الوزارة.
من الواضح اننا كفلسطينيين نواجه مرحلة قادمة قد تكون الأسوأ وتؤدي الى المزيد من الاعتداءات علينا وعلى حقوقنا وارضنا ومستقبلنا وعلينا عملياً ان نقيم الأمور ونعمل على التماسك والاتحاد وخلق القوة الممكنة لمواجهة أوضاع كهذه وعلى العرب عموماً ان يدركوا هذا الواقع، ولقد كان من المؤسف ان دولة عربية دعت بن غفير هذا للمشاركة باحتفالها في سفارتها بتل أبيب، في ذكرى استقلالها، وكان المفروض ليس دعوته وانما الرفض المطلق لوجوده أو مشاركته بأية احتفالات عربية بسبب مواقفه العنصرية الواضحة، ولعل في هذه الدعوة ما يشير الى مأزقنا نحن الذي يتسع ويتهافت بعض العرب في هذه المرحلة المُرة نحو التطبيع الأكثر مرارة من مرارة الاحتلال.
في كل الأحوال فإن التاريخ لنا والمستقبل لنا وقد جاء سابقاً أكثر من بن غفير هذا ولكنهم اختفوا وانتهوا وبقينا نحن لأن الارض لنا والتاريخ أكبر شاهد، وسيذهب بن غفير وأمثاله الى مقبرة التاريخ ...!!