حرب أوكرانيا: خلافا لما يقولون...

أربعاء, 11/16/2022 - 06:33

خلافا لما يقول فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، فإنني اعتقد أنه يُجري مفاوضات سرية مع الروس؛ وخلافا لما يقوله أيضا، فلا شك أنه يستعد لتنازلات سيقوم بها لصالح خصمه سوف يعلَن عن بعضها لا حقا، ويبقى جزء هام منها طي الكتمان.

وخلافا لما يعلنه الأمريكيون، فإنني اجزم أنهم يحثون الرئيس الأوكراني ويضغطون عليه من اجل أن يتفاوض مع الروس.

وخلافا لما تخفيه القيادة العسكرية والسياسية الأوكرانية التي لا تشير أبدا إلى الضحايا العسكريين في جانبهم، فإن خسائرهم كبيرة جدا. ولا شك أن الإعلان من طرف الأمريكيين منذ أيام قليلة عن 100 ألف فتيل وجريح من الجنود الأوكرانيين هو عدد دون الحقيقة بكثير. لكن الخبر يشكل في نظرنا مقطعا من رسالة أمريكية مشفرة إلى الرئيس زيلنسكي مفادها: "وحتى إن حاولتم إخفاء الحقيقة المرة التي لا يمكن الصبر عليها، فذلك لن يدوم إلا قليلا، لأن الكلفة البشرية للحرب باهظة جدا من جانبكم وكذلك كلفتها المالية واللوجستية بالنسبة لنا. وعليكم أن تقبلوا بحل تفاوضي يجعل حدا للمأساة التي نعيش معا."

وخلافا لما تقوله أطراف الصراع، فإنني اجزم، كما يعتقد آخرون من بينهم د. إسلكُ احمد إزيد بيه، وزير الخارجية الموريتاني السابق[i]، أنه تم ابرام اتفاق سري بينهم بموجبه جاء الإنسحاب المنظم للقوات الروسية في ظروف آمنة من مدينة خيرصون وإعادة "تموقعها" على الضفة الشرقية لنهر دينيبرو.

وخلافا لما يقولون، فإنني، مثل د. إسلكُ، لا استبعد أن يكون هذا التموقع يمهد لاتفاق لاحق حول وقف النيران وإعادة انتشار قوات طرفي الصراع. ولا نتوقع أن يعلَن عن جميع حيثياته على الميدان، حتى يصان ماء الوجه لدى الأوكرانيين ولدى القيادة الروسية.

وخلافا لما يقول المتصارعون، العمليات العسكرية الهجومية التي يقوم بها الآن كل طرف لا تستهدف حقيقة حسم الحرب لصالحه، وإنما يريد منها كل طرف تعزيز موقفه في المفاوضات التي يتم سرا الإعداد لها أو اجراؤها.

وخلافا لما يقوله المتنازعون، فإن كلا الطرفين يشهد خلافات داخلية عميقة حول مسار الحرب، فأكثريتهم على يقين بأنه من المستحيل تحقيق انتصار عسكري حاسم في هذا الصراع المسلح الشديد الكثافة. وعليه، فهؤلاء يعملون في الخفاء في سبيل هدنة يعتقدون أنها قد تكون موضوع اجماع مع معارضيهم حول الموضوع رغم تباين الأهداف بينهما: هم يرون في وقف إطلاق النار فرصة لإنهاء الحرب، بينما يحسبها المتشددون المتشبثون بالحل العسكري فرصة لكسب الوقت بغية تعزيز القوات تمهيدا لشن هجومات حاسمة.

وخلافا لما تقوله الصين ودول صاعدة أخرى مثل تركيا، الهند، إيران... فإن هذه الدول لا ترغب في انهاء هذه الحرب بسرعة. فهي تعول على أنها ستنهك روسيا والولايات المتحدة. وبهذا تكون الدول الصاعدة هي الرابحة من اضعاف منافسيه الكبيرين. وكأني بقادة تلك البلدان يتضرعون إلى ربهم : "بأسهم يبنهم شديد".

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

الفيديو

تابعونا على الفيس