بقلم: حمادة فراعنة
نتعاطف مع شعب أوكرانيا، لا نقبل الاحتلال، ولا الحل العسكري لتسوية الخلافات أو الصراعات أو تحقيق المصالح بين الدول.
نتعاطف مع شعب أوكرانيا ليس فقط بسبب الاجتياح الروسي وما تركه من آثار ودمار وخراب وخسائر فادحة للطرفين الأوكراني والروسي، وانعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي، وعنصري الطاقة والغذاء، والأثمان المترتبة المكلفة على الشعوب.
نتعاطف مع شعب أوكرانيا ضد رئيسه وحكومته وتحكم التيار الصهيوني الأميركي في إدارة الدولة الأوكرانية، وتوظيف نفوذهم للمس بالقومية الروسية الأوكرانية كجزء من شعب أوكرانيا، وممارسة التمييز ضدهم، وتوريط روسيا بالمشاكل الداخلية الأوكرانية، وهذا ما حصل وتحقق.
روسيا تستهدف من اجتياحها لأوكرانيا تحقيق غرضين أحدهما محلي والثاني دولي:
أولاً :تعاطفها مع القوميين الروس الأوكران الذين تعرضوا للتمييز والتضييق، وسبق أن تم التوصل إلى اتفاق في شهر أيلول 2015 في مدينة منسك عاصمة بيلاروسيا جارة أوكرانيا، برعاية روسية تضمن تحقيق حكم ذاتي لمناطق أوكرانيا الشرقية، ذات الأغلبية الروسية، والحفاظ على لغتهم وقوميتهم وحكمهم الذاتي في إطار الدولة الأوكرانية الموحدة، على غرار كردستان في العراق، والعديد من بلدان أوروبا وكندا وغيرهم، ولكن واشنطن حرضّت ضد الاتفاق بعد أن نجحت في عمل انقلاب سياسي أوكراني، حتى تولى الرئيس فلاديمير بليزنسكي السلطة، وبذلك قدموا الحجة واندفاع موسكو نحو قرارها لاجتياح أوكرانيا من أجل رفع الظلم والتمييز والسلوك العنصري عن الروس الأوكرانيين.
ثانياً: تعمل روسيا على الغاء نتائج الحرب الباردة وهزيمة الاتحاد السوفيتي عام 1990، وسيطرة القطب الواحد الأميركي على المشهد السياسي الدولي.
إذن المعركة في أوكرانيا لها أبعاد ونتائج دولية لا تقتصر على حدود أوكرانيا، وهو ما يُفسر حجم المساعدات البريطانية والاوروبية المقدمة لها، ولهذا بادرت موسكو قبل اجياحها لأوكرانيا يوم 24 شباط 2022، أن وقعت اتفاق تعاون استراتيجي مع الصين يوم 14 شباط 2022، أي قبل عشرة أيام من الاجتياح الذي يبدو أنه تم بالاتفاق المسبق مع الصين، وما محاولة روسيا في الحصول المسبق على الطائرات الإيرانية غير المؤهلة سوى جعل معركتها في أوكرانيا، ذات أبعاد دولية وشراكة متعددة ، لإدراكها المسبق أن دوافع أوكرانيا واستفزازاتها المبرمجة، وإلغاء اتفاق منسك الذي تضمن إعطاء المناطق الشرقية الحكم الذاتي، تم ذلك بدوافع وتحريض أميركي مخطط.
الولايات المتحدة التي تطاولت على العديد من شعوب الأرض، وسبق أن احتلت قواتها 58 بلداً في العالم من كافة القارات، وتتبنى بالكامل سياسياً وعسكرياً واستخبارياً واقتصادياً المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي راعية له رغم احتلال المستعمرة لأراضي ثلاثة بلدان عربية: فلسطين وسوريا ولبنان، وتتذرع بالتعاطف مع شعب أوكرانيا وتقدم لحكومته الصهيونية الفاقعة المؤيدة للمستعمرة الإسرائيلية والمعادية للشعب الفلسطيني، تقدم لها أقوى الأسلحة المتطورة الحديثة، وتدفق ملياراتها إلى كييف ومدها بأسباب القوة والصمود لتحول دون التوصل إلى اتفاق مشرف مع موسكو.
لذلك نتعاطف مع شعب أوكرانيا، بنفس القيمة التي تعاطفنا بها مع معاناة اليهود في أوروبا أيام النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية، والقيصرية الروسية، مع أنهم يمارسون اليوم عبر مشروعهم ومستعمرتهم الإسرائيلية الاضطهاد والبطش والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، كما فعل النازيون والفاشيون والقياصرة بهم وضدهم.