- لن تحسم المسيَّرات الإيرانية الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا، لكنّها ستقرّب بين طهران وموسكو. بالمقابل هناك حقيقة أخرى مفادها أنّ إرسال إيران مسيّراتها "شاهد 136" إلى الجبهات الروسية في أوكرانيا سيعقّد مسار العلاقات الإيرانية الغربية أكثر فأكثر، وقد يطيح بالمفاوضات النووية تماماً.
- كان لافتاً الحلّ الذي اقترحه وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو، ردّاً على موقف الولايات المتحدة من قرارات "أوبك +" التي قضت بخفض إنتاج النفط، في قوله: "نرى أنّ هناك دولة تهدّد السعودية. هذا التنمّر ليس أمراً صائباً. ارفعوا العقوبات عن إيران إذا كنتم تريدون خفض أسعار النفط". هل ترضى العواصم الخليجية بهذا العرض التركي الذي يقرّب أكثر بين أنقرة وطهران إقليمياً، حتى لو كان الهدف هو الدفاع عن قرارات ومواقف هذه العواصم؟
- تريد روسيا أن تلعب ورقة النفط ضدّ الغرب للوصول إلى ما تريده في ورقة الغاز. وإيران قد تقدّم لها بعض الخدمات في هذا الإطار. لكنّ إعلان بوتين أنّ بلاده تريد أن ترى تركيا قاعدة تخزين ونقل للغاز الروسي إلى أوروبا، هو أبعد بكثير من مسألة قدرة إيران على منافسة أنقرة في دور منحته لها الجغرافيا والموقع الاستراتيجي بقبول إقليمي ودولي. وستكون موسكو أوّل من يتخلّى عن طهران عندما يبتسم الغرب لها حول طاولة تفاوض متعدّدة الأطراف في أوكرانيا. أمّا أنقرة فلا تريد أن تكون بين من يدفع الثمن هناك بعد كلّ هذه الخدمات المقدّمة والجهود المبذولة منذ 10 أشهر حتى اليوم.
- يهمّ روسيا إبقاء أنقرة وطهران إلى جانبها في أزمتها مع الغرب. لكنّ ذلك لن يعني بالضرورة أنّهما ستكونان على مسافة واحدة في علاقاتهما معها. من يقدّم أكثر فلن يأخذ بالضرورة أكثر. إنّها قاعدة أساسية في منطق تبادل الخدمات في علم السياسة والعلاقات الدولية.
- استهدف الرئيس التركي الإدارة الأميركية بدعوتها إلى الانسحاب من سوريا، واستفزّها أكثر بحديثه عن تعاون محتمل بين أنقرة وطهران في مجالات التصنيع العسكري في أواخر أيلول المنصرم وبعد قمّة طهران الثلاثية لدول الآستانة. من الممكن الحديث مثلاً عن تنسيق وتصنيع حربي تركي باكستاني وتبادل خبرات في الصناعات العسكرية والدفاعية، مع ما قد يتسبّب به هذا التنسيق من قلق إقليمي لدى البعض وفي مقدَّمهم إيران. لكنّ الحديث عن تنسيق عسكري تركي إيراني مسألة تتعارض كليّاً مع التحالفات التي بنتها أنقرة غربيّاً وقرار انفتاحها الأخير على العديد من العواصم العربية وإسرائيل. ربّما كانت ردّة فعل إردوغان وقتذاك ظرفية عفوية لا أكثر. فنحن لم نسمع بعد ذلك مَن يتحدّث عن هذا الطرح لا في أنقرة ولا في طهران.
"الحلو مرّ" هو مشروب تقليدي متوارث عبر الأجيال في السودان، يُشرب عادة في شهر رمضان، وطريقة تصنيعه معقّدة. هو في أساسه خليط من الذرة والبهارات وبعض الأعشاب، ويحتاج إلى كمّيات كبيرة من السكّر ومهارات فائقة في الإعداد للوصول إلى طعمه المطلوب. إنّ تحالفاً روسياً تركياً إيرانياً إقليمياً يحتاج إلى جهد كبير يمرّ عبر مراحل طويلة تُخلط فيها أوراق تحالفات الدول الثلاث مع الجوار الإقليمي والدولي، وكلّها مسائل متشابكة معقّدة... أصعب من "الحلو مرّ".