سيرا على خطى الدكتور الشيخ معاذ سيدي عبد الله، فإنني اطرح السؤال من زاوية أخرى؛ قد يرى فيها البعض "استفزازا"، كما وقع له معهم. ولكن لا بأس: لا ابتكار ولا تقدم بدون إثارة الآراء المضادة وحتى المشاعر والأحاسيس المتشنجة أحيانا.
ما هي القصائد أو الأعمال الأدبية والفنية التي انجزها شعراؤنا وكتابنا في سبيل المحافظة على البيئة ومكافحة التغير المناخي واضراره؟
حسب علمي، وحدها المعلومة بنت الميداح طرقت هذا المجال بجدارة، حيث ألفت وغنت كلمات تدرَّس منذ سنوات ضمن المناهج التربوية في كندا. بينما لا تلقى اعمالها تلك اهتماما كبيرا في وطنها.
لماذا هذا الإهمال واللامبالاة بعمل أدبي وفني لقامة ثقافية وفنية صوتها يتردد بعيدا، بعيدا، خارج الوطن، حاملا رسالة عظيمة تقع على رأس الهموم التي تشغل العالم باسره اليوم؟
هل عدم تقيدها بقواعد العروض هو السبب؟
قد يكون الأمر كذلك، ولكن ما ذا يمنع الشعراء "العروضيين" الموريتانيين ومواطنيهم من اصحاب "الشعر الحر" والأجناس الأدبية الأخرى من معالجة التغير المناخي وتدهور البيئة والتحسيس حولهما؟
هل هم، في هذا الشأن، على اطلاع بالتحديات والمخاطر التي تواجهنا وتواجه البشرية جمعاء؟
هل يعلمون بأن موريتانيا تعد من بين الدول العشر أو العشرين الأكثر تضررا من التغير المناخي؟ وبأن الوسط البيئي في بلادنا يتدهور بشكل خطير جدا دون أن نولي للأمر عناية حقيقية؟
هل يعلمون أن البشرية استهلكت كليا، منذ 28 يوليو الماضي، ما يمكن أن يقدمه كوكبنا من مصار للحياة خلال هذه السنة؟ بمعنى آخر: هل يدركون أنهم، كغيرهم من سكان المعمورة، يعيشون منذ شهرين على رصيد السنة المقبلة، وبأنه لا سبيل لتعويض هذا العجز في الآجال المتوسطة؟ وحتى على الأمد البعيد، فسيكون ذلك مستحيلا طالما أنهم ساكتون، ونحن خلفهم أيضا صامتون... لا نبالي!
لما ذا لا نجد أثرا لهذه الأمور والإشكاليات البيئة الخطيرة فيما يصدر عن شعرائنا، وكتابنا ومثقفينا المنضوية اعمالهم وتفكيرهم تحت راية "العلوم الإنسانية"؟
وأيا كانت العلوم الدنيوية، فما الفائدة منها إن لم نلمس فيها اهتماما واضحا والتزاما صريحا فيما يعني صيانة الوسط الذي يعيش فيه الأنسان ويتغذى عليه؟
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)