أميركا بصفتها الدولة الأولى عالمياً ورائدة الرأسمالية تكمن قضيتها الأساسية اليوم في رفض وجود منافسين دوليين لها لا سياساً ولا عسكرياً ولا إقتصادياً ، ولذلك تعمل على إشغال الدول المنافسة لها ولو إقليميا أو في جانب واحد من جوانب الحياة في مشاكل وأزمات حتى تنهكها وتضعفها وتجعلها تسير تحت جناحيها وفي ركب سياستها تابعة لا صاحبة قرار ومصالح وتطلعات خاصة . المنافس الرئيس لأميركا اليوم هما روسيا والصين وإن كانت منافسة محدودة وليست على كافة الأصعدة كما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً ، ولذلك تقوم رؤية واشنطن الأساسية على إخضاع روسيا والصين لها بأي شكل وأي كيفية ، فلذلك هي من ورطت روسيا في المستنقع الأوكراني وجعلت من الحرب التي ظنتها روسيا نزهة لحرب استنزاف طويلة.
لا شك أن التطور الإقتصادي والعسكري والطموحات السياسية الدولية للصين تؤرق أميركا وتزعجها فلذلك تعمل على منع صعود الصين بكل السبل والوسائل، وكما كانت أوكرانيا تجسد صداعاً لروسيا هناك تايوان بالنسبة للصين ، أي في خاصرة كل منهما شوكة ، فلذلك اتخذت أميركا من قضية تايوان ساحة لاستفزاز الصين وأهانتها . الصين تنظر لمسألة تايوان على اعتبار أنها إقليم متمرد وهذه تمثل نقطة ضعف كبيرة لها وتخشى من غزوها لأن ذلك قد يشعل الحرب مع أميركا ويحصل لها ما حصل مع روسيا في مسألة أوكرانيا فلذلك الصين أمام خيارين كلاهما مر.
لقد كان دفع أميركا رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لزيارة تايوان مؤخرا هو أسلوب من أساليب استفزاز الصين وإظهار تحدي لها في قضية تايوان. والصين تدرك أن المسألة مسألة أميركية لإحتوائها وتطويعها واخضاعها وليست المسألة خاصة بتايوان .
إذا، الصين في ورطة وخاصة أن أميركا قامت بتحريض دول آسيوية عليها زيادة في الضغط والتحدي والقضية على باب دارها فمن هنا أي كان قرارها الحرب على تايوان أو الصمت والتراجع هو ليس في صالحها والمستفيد من ذلك أميركا التي لا تألوا جهدا ولا أسلوبا ولا وسيلة إلا اتخذتهما في سبيل اخضاع الصين لا سيما أن أميركا تحس بخطر الصين الاقتصادي الكبير عليها فلذلك تسرع في عملية اشغالها بمشاكل وأزمات كما فعلت مع روسيا في أزمة أوكرانيا.
مشكلة العالم اليوم أن السيادة والسلطان فيه لدول استعمارية جشعة لا غاية لها إلا مصالحها ولو تحول العالم لشلال دماء ينزف من كل جانب فهذه دول لو اقتضت مصالحها إهلاك الحرث والنسل وتدمير الأمم والشعوب فعلت . فلذلك كان العالم برمته يتوق لتغيير حقيقي يقوم على العدل ونشر الخير وهذه مسؤولية الأمة الإسلامية كونها تحمل مبدأ الخير والعدل ومطالبة بنثر هذا الخير على العالم الذي يكتوي بنيران الرأسمالية الظالمة.