مائة عام على صك الانتداب البريطاني من المسؤول عن استمرار الجريمة !!

ثلاثاء, 07/26/2022 - 10:16

بقلم: عصام بكر

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

في الرابع والعشرين من تموز 1922 تمت المصادقة على ما بات يعرف بصك الانتداب البريطاني على فلسطين ويشمل شرق الاردن ايضا بعد ان وضع الاساس له العام 1921 ودخل حيز التنفيذ في ايلول من العام 1922 يحتوى الصك على 28 مادة في نصوصه التي تستند لوعد بلفور المشؤوم الصادر في 2 تشرين ثاني العام 1917 وما تلاها من محطات شكلت بما نجم عنها من اثار مجمل المأسي التي لحقت بالشعب العربي الفلسطيني من ظلم تاريخي يتواصل حتى يومنا هذا .

الجلسة الخاصة او الاستثنائية التي عقدها المجلس الوطني الفلسطيني لهذه المناسبة تحمل عدة رسائل ومحاور ذات اهمية تنسجم مع خصوصية المسالة المخصصة للنقاش جرى خلال الكلمات العديدة التطرق لزوايا مختلفة من بينها كلمات الاخ الرئيس، ورئيس واعضاء المجلس حيث عقدت هذه الجلسة على عدة حلقات الاولى في رام الله وجاهيا، والثانية في غزة، والثالثة في عمان والرابعة في دول الشتات والمنافي بالتزامن بسبب التعقيدات التي تحول دون عقد جلسة عادية بتوفر النصاب بسبب اجراءات الاحتلال وما تفرضه من صعوبة التنقل والحركة، ومن اهم ما حملته الجلسة غير العادية لموضوع غير عادي من رسائل وما ينبغي لنا ان نستقي منها العبر هي انه بالرغم من مرور مئة عام على الصك الظالم ومن مقارعة الحركة الصهيونية ايضا لم تتزحزح قناعة ووعي الشعب الفلسطيني وايمانه بقضيته وحقوقه رغم كل محاولات تطويع العقل وما لحق به الا انه بقي متمسكا بهذه الحقوق غير القابلة للتصرف التي لا تسقط بالتقادم على الرغم ايضا من كل المحاولات التي جرت في سبيل كي الوعي وترويض ارادة الشعب، وان يتم احياء هذه المناسبة هذا برايي دليل قاطع ان شعب فلسطين لم تنسيه سنوات النكبة وما تلاها حقه الراسخ في وطنه .

الرسالة الاخرى في هذا السياق والتي حظيت وقوبلت باجماع كبير هي ان المجلس الوطني بوصفه اعلى هيئة تمثيلية للشعب الفلسطيني باق ولم يذوب او يتم تحويل صلاحيته للمجلس المركزي، وانه صاحب الحق الاصيل بموجب النظام الاساسي لمنظمة التحرير في صياغة الرؤية، واقرار السياسات والقرارات التي تتناسب مع كل مرحلة من مراحل كفاحه الوطني المشروع وفي ذات السياق ومن منطلق ما يملك المجلس الوطني جرى التاكيدعلى مسؤولية المملكة المتحدة، وامكانية مقاضاتها دوليا، ومتابعة العمل بشتى الوسائل المتاحة لملاحقة كل الذين تسببوا في الاذى سواء دول او مؤسسات ام افراد فبريطانيا بوصفها المسؤولة عن اقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين هي ذاتها التي عليها تصحيح ما قمت به من جريمة تمثلت في محاولة الغاء شعب كامل وانهاء وجوده من التاريخ وهي مسؤولية الامم المتحدة ايضا التي ورثت عصبة الامم المتحدة بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، واصبحت القوى الاستعمارية تتمتع بالقوة التي تمكنها من السيطرة بطرق مختلفة جديدة على الشعوب الاخرى فعملت على تثبيت وجود قوة متقدمة لها في المنطقة العربية على حساب شعوبها من اجل نهب خيراتها وبقيت المؤسسة الدولية حديثة النشأة رهينة السيطرة التي تفرضها الدول الكبرى لا سيما الامبريالية العالمية .

الكلمات التي اسمعت من على منصة المجلس الوطني تناولت مواد الصك المشؤوم التي حملت بمضمونها توطين اقامة الكيان بعد طرد المواطنين الاصليين من وطنهم قسريا وتطهيرهم عرقيا في احدى اكثر جرائم التاريخ بشاعة وتقززا النقاش انصب بمجلمه من خلال المداخلات حول نقطة واحدة وهي من المسوؤل عن استمرار هذه الجريمة؟ لكنها بطبيعة الحال لم تخلو من الحديث عن عناوين اخرى هامة ايضا من بينها انهاء الانقسام الداخلي واستعادة الوحدة وترتيب البيت الداخلي اضافة للاوضاع الداخلية والمستجدات السياسية بعد زيارة الرئيس بايدن للمنطقة، والتاكيد على استنكار جريمة الاحتلال في نابلس، ولكن بالعودة للموضوع الاساس اعتقد ان اهمية احياء اعلان صك الانتداب تستوجب الوصول لمخرجات محددة متفق عليها غير قابلة للمواربة ولا تحمل اكثر من تفسير ولا شكليات من اجل العمل عليها بصيغة تحرك جماعي تقوده مؤسسات منظمة التحرير الذي تاتي جلسة المجلس الوطني مدخلا لاعادة تفعليها بما فيها دوائر ولجان المجلس الوطني والمركزي وصولا للجنة التنفيذية والمطلب الملح بالتحضير لعقد جلسة عادية للمجلس المركزي في غضون الاسابيع القليلة القادمة لوضع قراراته بسحب الاعتراف بدولة الاحتلال وانهاء جميع اشكال العلاقة معها موضع التطبيق وهو يمثل حجر الزاوية لاي تحرك مقنع للشارع المحلي لمعالجة الخلل الحاصل منذ تعليق تنفيذ هذه القرارات لاسباب مختلفة كان اخرها انتظار ما ستسفر عنه زيارة بايدن الذي حمل معه مشاريع لا تقل خطورة عن سلفه ترامب ضمن شراكة راسخة مع دولة الاحتلال والحفاظ على امنها .

اما الرسالة الاخرى لاجتماع المجلس في جلسته الخاصة فهي اهمية العمل على تفعيل ادوات الضغط والمناصرة والحشد الدولية وتحديدا داخل بريطانيا نفسها في حملة متواصلة ليست هبات متقطعة هنا وهناك او عمل جزئي بل بمنهجية واضحة وخطة عمل متكاملة بعناصرها واهدافها ومخاطبة اوساط مختلفة من شرائح الشعب البريطاني وناخبيه من مؤسسات واعضاء برلمان ونشطاء وصناع قرار والجاليات العربية والفلسطينية للشروع الفوري بها تكون منظمة واسعة النطاق تعطي معطيات، وتتناول ما لحق من ماسي وويلات جراء الدور البريطاني على امتداد مئة عام وانشاء كيان الاحتلال على راض فلسطين، اما المسألة الاخرى باعتقادي فهي العمل على صيغة محددة تتولى اللجنتين السياسية والقانونية في المجلس الوطني اعدادها ويتشكل منها فريق قانوني من خبراء القانون الدولي والمختصين لفحص امكانية رفع دعاوى قضائية داخل بريطانيا او خارجها لانتزاع الاعتراف منها بمسؤوليتها التاريخية والسياسية والقانونية والاخلاقية عن الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني وبالتالي العمل على ازالته بالطرق الممكنة وجبر الضرر عنه وتعويضه عن الخسائر التي لحقت به عبر اليات واضحة برعاية الامم المتحدة، اما المسالة قبل الاخيرة فتتعلق بالعمل على تنظيم حملات اعلامية واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، واشكال الاعلام الاخرى من خلال سفارة دولة فلسطين بهدف الوصول لاعتراف برطانيا بالدولة الفلسطينية كجزء من الاعتذار للشعب الفلسطيني والاستفادة من طرائق عمل حركة المقاطعة في اطار حملة واسعة هدفها الضغط على حكومات الاتحاد الاوروبي لوقف العمل باتفاقيات التبادل التجاري مع دولة الاحتلال المشروطة اصلا باحترام دولة الاحتلال للقانون الدولي وهي بالتاكيد لا تحتاج لدليل انها لا تحترمها بل هي تخرق بشكل فض ابسط قواعد القانون الدولي والتركيز على الاتفاقيات العسكرية وبيع الاسلحة وصولا لفرض المقاطعة الشاملة على غرار مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا حتى تمتثل دولة الاحتلال وتنصاع للقوانين وقرارات الشرعية الدولية ومن الامثلة على نجاح هذه الحملات قيام مجموعات من نشطاء الحملات المؤيدة للقضية الفلسطينية بمحاصرة احد المصانع البريطانية المتورطة في بيع الاسلحة لاسرائيل اضافة للتوقيع على عشرات العرائض المناوئة للاحتلال واعلان مجالس الطلبة والجامعات واكاديمين وفنانين ومؤسسات ثقافية عن انضمامها لحملات المقاطعة لدولة الفصل العنصري التي اشارت العديد من التقارير الاممية لوجوده واقعا في فلسطين المحتلة وهي النقطة الاخيرة في هذا الاطار وكلها تمثل نقاط ارتكاز هامة لاي تحرك سياسي وتسير بموازاته باعتبارها احدى ادوات الدبلوماسية الشعبية تمهد الطريق اذا ما احسن استخدامها من اجل تعزيز التحرك السياسي الهادف لاسقاط الصك والوعد ورفع الظلم التاريخي عبر العمل التدريجي طويل الامد وبمجهود نوعي متناغم ومنسجم بافق محدد .

هذه الجلسة تمثل بالحضور والتوقيت السياسي والعنوان فرصة لاعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده واعادة الاعتبار ايضا للاداء الذاتي وتطويره دون رهان على الاخرين ودون اغفال الترابط العضوي للنضال الوطني للاستفادة من المناخ الدولي الاخذ بالتشكل في عالم ما بعد القطب الواحد فنحن بحاجة للتأكيد من جديد اننا نعيش مرحلة تحرر وطني بكل ما تتطلب هذه المرحلة من سعي عبر وسائل الكفاح المتعددة من اجل انهاء الاحتلال واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني في مقدمتها حقه في العودة وفق القرار الاممي 194 وتقرير المصير والاستقلال الوطني بما يشمل بكل الوضوح الداخل المحتل، والضفة الفلسطينية بما فيها القدس وقطاع غزة، والشتات هذه الساحات التي يتواجد فيها الشعب الفلسطيني، وان اختلفت خصوصية كل ساحة منها الا انها هي من يقرر اتجاهات العمل ولا يمكن الوصول لاي صيغة حل لاحداها على حساب الساحات الاخرى بعد 100 عام من صك الانتداب القول الفصل ان الهزائم ليست قدرا، وكلمة السر هي بمواصلة وتطوير كفاح الشعب الفلسطيني حتى الوصول لاهدافه الوطنية التي لا تقبل التجزأة او يمكن اسقاطها او التنازل عنها .

الفيديو

تابعونا على الفيس