من الوارد أن يكون التوزيع الجغرافي للأمطار وكمياتها أفضل في البلد هذا العام من السنوات العشر الماضية، وهذا ما كنا، وما زلنا، نطلبه من الله عز وجل؛ مما سيحسن من الغطاء النباتي ومن الثروة الحيوانية البرية والأليفة.
وكلنا نعلم أن وطننا، موريتانيا، من أقل دول العالم تعرضا لخطر حرائق الغابات. وهذا لا يدعو إلى بالضرورة إلى السرور. فرغم كون الظاهرة تنتشر بصورة متزايدة وخطيرة عبر المعمورة بسبب التغير المناخي، فإن بلادنا تكاد تكون في مأمن منها. والأمر يحز فعلا في القلب، لسبب بسيط: الغابات تكاد تكون معدومة عندنا.
متى سوف نكف عن تدمير القسط القليل، من الغطاء النباتي ومن الحيوانات البرية، الذي نتوفر عليه؟ متى سنمنع تسويق الفحم وقطع الأشجار؟ متى نتوقف عن الصيد البري الوحشي؟ ومتى نقوم بحملات تشجير فعالة لمحاربة التصحر، علما أن بلادنا تحتضن مقر "السور الأخضر العظيم"، وأنها من أكثر الدول المعنية تأخرا في إنجازه؟
وحول الحفاظ على الغطاء النباتي، أتذكر حديثا فاجأني به سفير بلادنا في الصين، السيد بال محمد الحبيب، عام 2014 أو 2015، لما كنتُ آنذاك ملحقا عسكريا في بيكين.
كنتُ أرافقه ذات مرة داخل مقر السفارة، وهو يتفقد عمل العامل المكلف بصيانة الحديقة الصغيرة التي تزين باحة المبنى. فاقترحتُ عليه تغييرات طفيفة تتعلق بنوع أو بوضع بعض الأشجار. فرد علي أن قطع أي شجرة يستدعي إجراءات إدارية ودبلوماسية معقدة، مضيفا أن "العملية تتطلب الحصول على إذن مسبق من السلطات الصينية".
ثم ذهلتُ لما رد علي: "تماما". وكان جوابه بعدما سألته مستغربا :
"يعني أنه لا يمكنني التصرف كما أشاء في شجرة غرستُها واملكها؟"
ولنا عبرة بيئية في هذا القرار الصيني، تتواءم مع يقال بأنه حديث نبوي:
"اطلبوا العلم ولو في الصين".
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)