قد ظلت المرأة عبر تاريخها غرضا داخل إنتاج الرجل وخاصة في مجتمعنا العربي ، فمنذ أن بكى ابن حزام الديار كما ورد في شعر امرأ القيس بن حجر ، والمرأة العربية بعيونها ومفاتنها تنافس الربوع والأطلال البالية على مقدمة القصيدة ، حتى أصبح التغزل بها من أهم مقومات القصيدة ، هذا بالنسبة للشعر الوسيلة الأكثر رواجا عند مجتمعنا العربي القديم ...
وعندما تجاوز تاريخنا لإسلامي مرحلة النبوة إلى طوره البشري ، عادت المرأة إلى شيطانيتها الجاهلية وسذاجتها، وعدم أهليتها للكمال الإنساني ، فصارت من المحجور عليهم في الفقه الذكوري مثل الصبي والمجنون ...!!!.
فأصبحت المرأة بذلك غرضا حيويا داخل إنتاج الرجل، لكن هذه المرة ليس تغزلا ولا عشقا لها ولا لذكر محاسنها، وإنما تأكيدا على دونيتها عن الرجل وتبعيتها له ، وسيطرة السيد الرجل عليها ، وذلك في عملية استعبادية لم يشهد التاريخ لها مثيل ، قننت بتوظيف الرجل للدين .....!!!.
لقد أنتج السادة الرجال كما كبيرا من الفقه والتفسير والأصول والتأويل وأسباب النزول ، كانت كلها عن المرأة وعن سبب إقصاءها ، وقد تأثر الإنتاج الفقهي بتراكم من ثقافة الحضارات القديمة مثل الحضارة الرومانية التي كانت تعتقد بشيطانية المرأة وجهنميتها ، أما القانون السائد في مناطق شاسعة من منطقة شرق آسيا فهو قانون حامورابي الجائر الذي يجعل المرأة ملكا للرجل إنشاء باعها وإنشاء قتلها ....!!!.
وأثناء توسع حضارتنا الإسلامية وانشغال الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم بمهمة الفتح ومواجهة المرتدين ، إضافة لكثرة السبايا من النساء إثر الحروب وكذلك تعرضهن للترمل والفقر والضياع ، اختفت معالم إنسانية المرأة من مشهد الحياة السياسية والعلمية ، خاصة عندما صارت ثقافة المرأة وفصاحتها من معاير الجواري المعروضات للبيع في أسواق نخاسة الكوفة والبصرة ...
هكذا بقي المسرح العلمي خاليا من النساء للأسباب التي ذكرناها ، فصارت المرأة مادة داخل فهم الرجل واستنباطه وتأويله للأحكام ، وهذا ما توصلت إليه الدكتورة فريال مهنا بقولها : " فإن مسلمي عصر الدعوة وما أعقبها ، من عصور وحقب بذلوا جهودا لتطويق واحتواء المنطلقات القرآنية الأساسية حول ماهية ومغزى الوجود الإنساني الذي يجمع الرجل والمرأة في حقل واحد ومستوى واحد ، ومارسوا ضغوطا مستمرة لترسيخ تقاليد وعادات جاهلية تخص المرأة تحديدا ، في أثناء المجتمع الإسلامي برمته ، وهذا ما أفضى إلى خلق أرضية ملائمة ، مكنت علماء الإسلام من تكريس آليات فقهية نجمت عنها مسلمات غير قابلة للمراجعة على امتداد الأزمنة الإسلامية ...".