بقلم : د. هاني العقاد
لا تريد دولة الاحتلال ان تطبع مع العالم العربي فقط ولا تريد علاقات تجارية وعلاقات تمنح دولة الاحتلال اختصار مدة الطيران لطائراتها بين دولة الاحتلال ودول أمريكا اللاتينية وافريقيا واسيا وأستراليا، ولا تريد دولة الاحتلال ان تطبع من اجل السياحة والتكنولوجيا وبيع ما تنتجه مصانعها للعالم العربي من تكنولوجيا عسكرية تعود بمليارات الدولارات لخزينتها فقط وانما لهدف سياسي أكبر. ان استراتيجية دولة الاحتلال على اختلاف الحكومات والتيارات تتفق ضمنا على ان الصراع مع الفلسطينيين لن يحل الا على طريقتها، اتفاق (ابرهام) الكارثي سيتيح لها إبقاء الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية والدخول في علاقات تطبيعيه تعتبرها دولة الاحتلال علاقات سلام عملت طويلا لتصل اليها. شريعة جديدة تجبر الفلسطينيين على التعايش مع الاحتلال بلا هوية وبلا ارض وبلا تاريخ وبلا قدس وبلا دولة ويكونوا فقط كجزء من قرية عربية كبرى بأمن موحد واقتصاد موحد وديانة ابراهيمية عبارة عن مزيج من الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية وبالتالي تذوب القدس وتصبح عاصمة موحدة لدولة الكيان يمتلك اليهود حق السيادة عليها وتفتح لكافة الأديان لممارسة شعائرهم الابراهيمية التي تتخصص معاهد صهيونية أرثوذكسية في وضع مبادئها وافكارها وشعائرها.
تتحدث القيادات السياسية في دولة الاحتلال عن حالة اندماج امني واقتصادي بالشرق الأوسط خلال علاقات تطبيعيه غير مسبوقة كانت قد بدأت بتوقيع هذا الاتفاق الكارثي في ايلول 2020 بين الامارات العربية المتحدة والبحرين من طرف ودولة الكيان من طرف اخر ولحق بهذا الاتفاق كل من المغرب والسودان ,وتسعي دولة الاحتلال لان يندمج في هذا الاتفاق باقي دول العالم العربي واهمها العربية السعودية التي تعتبرها دولة الكيان من اهم الدول التي يجب ان تنخرط في اتفاق ابرهام لان لها مكانة قيادية بالعالم العربي والإسلامي واندماجها في الاتفاق يعني الكثير لدولة الاحتلال باعتبارها اكبر دولة إسلامية في المنطقة ,بل انها تقود العالم الإسلامي ولها وزن سياسي امام معظم الدول العربية وكلمتها ونصائحها نافذه لدي زعامات تلك الدول هذا بالإضافة الي انها تمثل مصدرا مهما لإنتاج النفط والغاز في الاقليم . سياسيا العربية السعودية هي صاحبة مبادرة السلام العربية التي طرحت في القمة العربية ببيروت 2002 ولا تجيز البدء باي علاقات مع دولة الاحتلال قبل ان تنفذ قرارات هذه القمة فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية وحل الصراع على أساس مبدا حل الدولتين واي تطبيع خفي او علني يعني الغاء كامل لهذه المبادرة وتخلي السعودية عن كل ما جاء من بنود تتعلق بالعلاقة مع دولة الكيان.
تعتقد دولة الاحتلال ان جولة بايدن بالمنطقة ستفتح الباب بين السعودية ودولة الاحتلال وتدشن مسارا لعلاقات تنتهي باندماج السعودية في اتفاق (ابرهام ) الكارثي , وتعتقد ان موافقتها على نقل جزيرتي صنافير وتيران الى السيادة السعودية واخلاء الجزيرتين من القوات الدولية مع الحفاظ على حق دولة الاحتلال باستخدام الممر الملاحي والذي يعتبر شريانا ملاحيا مهما يطل على البحر الأحمر لدولة الكيان ,من وجهة نظر قادة دولة الاحتلال فان هذا سيساهم الى حد كبير في علاقات إسرائيلية سعودية مهمة تعتبره دولة الكيان مدخلا لعلاقات أوسع على مدار المراحل القادمة . تسعى دولة الاحتلال بكل الطرق والاثمان ان تبني علاقات تراكمية مع السعودية سراً تعبد هذه العلاقات الطريق في نهاية المطاف لتوقيع اتفاق تطبيع مع أكبر دول عربية، ولعل دولة الكيان تستخدم علاقاتها مع ستة دول عربية منها اثنتان وقعتا اتفاق سلام مضى عليه عشرات السنين والباقي وقعت اتفاقات تطبيع أسوأ بكثير من اتفاقات السلام التي وقعتها دولة الاحتلال مع كل من مصر والأردن.
تتمنع دولة الاحتلال من توقع اتفاق سلام عادل وشامل مع الفلسطينيين وترفض حتى اللحظة أي مبادرات دولية او حتى إقليمية للجلوس مع الفلسطينيين على طاولة المفاوضات وفي ذات الوقت تتهرب من الاتفاقات التي وقعتها مع الفلسطينيين لأنها تعرف ان هذه الاتفاقات لو سارت حسب البرنامج الزمني لأنتهى الاحتلال وحصل الفلسطينيون منذ العام 1996 على دولة معترف بها من كل العالم , لذا ارتأت دولة الاحتلال ان تتخلص من كل الاتفاقيات التي وقعتها مع منظمة التحرير من طرف واحد لتؤكد ان ما تريده من كل الاتفاقات ان تبقى السلطة الفلسطينية مؤسسة ادارية تدير حياة الفلسطينيين ويبقى الامن الداخلي والخارجي بيد المؤسسة الأمنية بدولة الاحتلال دون أي استحقاقات سياسية او حتى تفاوض على حق تقرير المصير.
السبب الرئيس الذي يكمن وراء إصرار دولة الاحتلال على التطبيع مع العربية السعودية في اسرع وقت هو انها تريد ان تكمل مخطط التطبيع وتكمل دائرة اتفاق ابرهام للانتقال الى الشق الاستراتيجي من هذا الاتفاق وهوما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين وهذا ما دفع دولة الاحتلال للإصرار على عقد اتفاق تطبيع مع العربية السعودية دون ان تقدم على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي او تتنازل عن شبر واحد من الأرض المحتلة للفلسطينيين ,وهنا تريد دولة الاحتلال ان تطبيق الحل الإبراهيمي على الفلسطينيين من خلال العرب واولهم السعودية التي تقول قيادتها "ان التطبيع مع إسرائيل
مستحيل قبل ان تطبق دولة الاحتلال بنود مبادرة السلام العربية وتنهي الاحتلال وتقبل بإنهاء الصراع مع الفلسطينيين وتحقيق السلام العادل في المنطقة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس". ستبقى محاولات دولة الاحتلال التطبيع مع السعودية مجرد محاولات فارغة لن توصل لاتفاق قبل ان تتخلى دولة الاحتلال عن احتلال الأرض الفلسطينية وتقبل بالسلام العادل على أساس مبدا حل الدولتين ومبادرة السلام العربية التي يروج البعض لموتها خدمة لبرامج دولة الاحتلال ليس اكثر ,ولا اعتقد ان يحصل اتفاق تطبيعي علني بين إسرائيل والسعودية حتى لو رحل الملك سلمان وتولى الأمير محمد بن سلمان العرش حسب تصورات البعض بان أمريكا وإسرائيل تحاولان تعبيد الطريق الان للتطبيع مع السعودية الى ما بعد عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.
يراهن قادة الاحتلال باختلاف توجهاتهم السياسية سواء كانوا يمينيين او وسط او حتى يسار على تغير النظام الملكي والرأس الحاكم في السعودية بوصول الأمير محمد بن سلمان الى العرش , لكن لا اعتقد ان رهانهم هذا في مكانه وقد لا تصل أمريكا ودولة الاحتلال لما يخططون بسهولة, المتغيرات في العالم مهمة وقد تفرض نفسها على المشهد بالكامل وخاصة ان أمريكا بدأت تخسر الكثير من سياسة التربع على عرش العالم وقيادة العالم , خلال شهور ان لم يكن اقل سيعترف العرب وغيرهم في اوروبا بقوة النظام الجديد بالعالم وقوة روسيا عسكريا واقتصاديا هذا قد يقلب الموازين بالعالم العربي , لذلك نجد ان دولة الاحتلال تسابق الزمن في المرحلة الحالية كمرحلة أولية للتوصل لتفاهمات شفوية سرية مع العربية السعودية بوساطة أمريكية تبدأ بخطوط الطيران والامن الإقليمي ومحاربة الإرهاب وتبادل المعلومات والتكنولوجيا العسكرية بالمقابل تسعي الولايات المتحدة لتشكيل حلف استراتيجي تكون دولة الاحتلال طرفا فيه ويضم اكثر من عشر دول عربية