زيارة بايدن المثيرة للقلق

أحد, 06/26/2022 - 09:38

بقلم: إبراهيم ابراش

إعلان الإدارة الأميركية عن زيارة الرئيس بايدن لمنطقة الشرق الأوسط في حزيان ثم تأجيلها إلى تموز القادم، ثم حديث عن احتمالات تأجيلها مجدداً، هذه الزيارة أثارت كثيراً من القلق والتساؤلات حول هدف الزيارة بل وجدواها في ظل أوضاع أميركية داخلية غير مريحة وخصوصاً الوضع الاقتصادي المترتب على حرب أوكرانيا وتدني شعبية بايدن حسب آخر استطلاعات الرأي العام، وفي ظل حالة الإرباك التي تشهدها الساحة السياسية الداخلية لإسرائيل واحتمالات عودة نتنياهو،غير المُحبب من الرئيس بايدن، لرئاسة حكومة جديدة ، أيضاً تخوفات دول الشرق الأوسط وخصوصاً العربية من هذه الزيارة حيث ما زالت زيارة ترامب في ايار 2017 حاضرة في أذهان كثير من القادة العرب الذين أحرجتهم الزيارة وما صاحبها من ابتزاز مالي وسياسي وتحقير ليس للقادة فقط بل وللعرب جميعاً.
قبل بايدن زار ثمانية رؤساء أميركيين المنطقة وبعضهم أكثر من مرة . والثابت في كل هذه الزيارات هو تأكيد كل الرؤساء على عمق العلاقات الأميركية- الإسرائيلية وكانت كل زيارة تتوج بمزيد من صفقات السلاح والدعم المالي لإسرائيل ، وبعض الرؤساء مثل كارتر وكلنتون وأوباما وترامب كانوا يحملون مشروعات تسوية سياسية لمشكلة الشرق الأوسط وفي جوهرها القضية الفلسطينية وهي مشروعات كان الهدف منها إدارة الصراع وتسكين الوضع السياسي في المنطقة وحماية اسرائيل، دون نية حقيقية لإنهاء الصراع بما يحقق للفلسطينيين الحد الأدنى من مطالبهم السياسية على أساس حل الدولتين.

في اعتقادنا أن العربية السعودية ومصر والأردن أكثر قلقاً من هذه الزيارة من غيرهم ، وجولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لدول المنطقة لها علاقة بزيارة بايدن حيث يسعى بن سلمان لتجنب ما جرى في زيارة ترامب ويريد التوصل لتفاهمات وحد أدنى من وحدة الموقف في مواجهة ما سيكون في جعبة بايدن من مخططات باتت شبه معروفة وأهمها تنشيط وتفعيل حلف (الاتفاقات الإبراهيمية) وإخراج دول المنطقة من حالة الحياد لتصطف الى جانب المعسكر الغربي في مواجهة روسيا ، وتوظيف فزاعة الخطر الإيراني على دول المنطقة لابتزاز دول الخليج مجدداً.

أما القضية الفلسطينية فلن تكون على سلم اهتمامات الرئيس بايدن ولكن كنوع من رفع العتب والمخادعة وفي حالة لقاء بايدن مع الرئيس "أبو مازن"، سيجري حديث مبهم عن حل الدولتين وفتح القنصلية الأميركية في القدس وتقديم بعض الإغراءات المالية، وباستثناء المساعدات المالية التي هدفها الحفاظ على استمرار عمل السلطة والحيلولة دون انهيارها، فإن الوعود الأخرى ستتبخر مباشرة بعد انتهاء الزيارة، لأن الرئيس بايدن ضعيف ولا يستطيع إغضاب إسرائيل واللوبي اليهودي في أميركا والانتخابات النصفية على الأبواب، ولأن هناك من وجهة النظر الأميركية ملفات أخرى أكثر أهمية من الملف الفلسطيني، بالإضافة إلى غياب أي تهديدات أو ضغوط فلسطينية أو عربية أو دولية تدفع الإدارة الأميركية للاهتمام بالقضية الفلسطينية.

من الواضح أن القيادة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي رحبت بزيارة بايدن والسبب في ذلك أن القيادة الفلسطينية تريد أية مبادرة أميركية ولو كانت مجرد تصريحات ووعود حتى تبقي الأمل بتسوية سياسية، حيث رهنت القيادة الفلسطينية نفسها بهذه التسوية وبحل الدولتين، كما أن القيادة ومنذ توقف المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين عام 2010 ثم إعلان الرئيس "أبو مازن" بعد أن طرح ترامب صفقة القرن ونقل السفارة الأميركية للقدس، أنه يرفض أن تكون أميركا الراعي الوحيد لعملية السلام منذ ذلك التاريخ والاستيطان يتعاظم والوضع الداخلي الفلسطيني يزداد تدهوراً والوضع العربي ينحو نحو مزيد من التطبيع مع إسرائيل، كما لم يتقدم أي طرف دولي ليحل محل أميركا في تفعيل عملية التسوية السياسية، هذا بالإضافة إلى انشغال العالم بحرب أوكرانيا وتداعياتها وهو الأمر الذي قد يدفع بإسرائيل لاتخاذ خطوات غير مسبوقة لتصفية القضية الفلسطينية دون أن يهتم العالم بما يجري، وقد شاهد العالم وخصوصاً العربي والإسلامي مسيرة الأعلام واقتحامات الأقصى دون أن يحرك ساكناً.
قد لا يكون الرئيس بايدن خلال زيارته للمنطقة في فظاظة ترامب في تعامله مع الزعماء العرب، ولكن على الفلسطينيين والعرب الخوف والحذر لأن بايدن قد يتصرف كالأسد الجريح ويجر المنطقة إلى ما لا تحمد عقباه للتغطية على ضعفه داخل بلاده.

الفيديو

تابعونا على الفيس