أشار الخبير أحمد السيد النجار، إلى أن "المكانة العالمية للدولار تتآكل ولا عزاء للمتعبدين في محرابه"، مشددا على أن البعض يستنكر الحديث عن تراجع مكانة الدولار كعملة احتياط دولية.
وقال الخبير الاقتصادي في حديث لـRT، إن "البعض يستنكر الحديث عن تراجع مكانة الدولار كعملة احتياط دولية، ويستدلون على ذلك بحركة أسعاره في أسواق العملات في مضاربات الأجل القصير أو بوضعه في مصر حيث يقف الجنيه في موقف متراجع تاريخيا منذ قرابة نصف قرن مقابل الدولار وكل العملات الحرة الرئيسية نتيجة العجز الكبير والمتواصل في الميزان التجاري وعجز ميزان الحساب الجاري في الغالبية الساحقة من تلك الفترة".
وأضاف الخبير: "ولأن الاستنكار لا علاقة له بالعلم أو بدراسة الاتجاه طويل الأجل لأسعار الدولار وحصته من الاحتياطات العالمية فلنذكرهم بها بناء على بيانات تقرير IFS الصادر عن صندوق النقد الدولي: في عام 1966 كان الدولار يساوي 362 ين ياباني، وانخفض في عام 1976 إلى 296 ين، وانخفض إلى 168 ين عام 1986، وانخفض إلى 109 ين عام 1996، ووصل في بعض أيام التداول إلى اقل من 80 ين".
ومع صعود الصين والعديد من الدول الآسيوية وتراجع الفوائض التجارية اليابانية لدرجة التآكل الكلي تقريبا، والتدني الشديد لمعدل نمو الاقتصاد الياباني الذي بلغ0.7% سنويا في المتوسط خلال الفترة من عام 2004 حتى عام 2013، وانخفض إلى أقل من 0.3% سنويا في المتوسط خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2021. أصبحت اليابان أسوأ من أمريكا في التباطؤ الاقتصادي فارتفع الدولار مقابل الين لكنه يدور حول مستوى 120- 130 ين حاليا أي نحو ثلث سعره في عام 1966.
وواصل الحديث قائلا: "يعني الميل التاريخي لسعر الدولار تجاه الين تراجعي بشكل قوي. وكان الدولار يساوي 4 مارك ألماني عام 1966، ثم انخفض إلى 2.5 مارك عام 1976، وانخفض إلى 2.2 مارك عام 1986، وانخفض إلى 1.5 مارك عام 1996، وذلك قبل أن يدخل المارك في العملة الأوروبية الموحدة (اليورو). كما انخفض الدولار من 4.4 فرنك سويسري عام 1966، إلى 2.5 فرنك عام 1976، وانخفض إلى 1.8 فرنك عام 1986، وانخفض إلى أقل من 1.3 فرنك سويسري عام 1996، وهو يبلغ في الوقت الحالي أقل من فرنك سويسري، أو بالتحديد 0.97 فرنك سويسري".
وأكد أنه ورغم أهمية تحركات الدولار مقابل العملات الرئيسية، إلا أن حصته من الاحتياطيات الدولية لمختلف دول العالم هي الأهم. وتشير دراسة لصندوق النقد الدولي إلى أن حصة الدولار في سلة احتياطيات البنوك المركزية حول العالم قد تراجعت من 71% عام 1999 إلى 59% في الربع الرابع من عام 2020. كما تراجعت تلك الحصة حاليا لأقل من 48% من احتياطيات البنوك المركزية لكل بلدان العالم. وهذا التراجع أمر طبيعي ويتسق مع تراجع المكانة العالمية للاقتصاد الأمريكي الذي كان ناتجه يشكل نحو 45% من الإجمالي العالمي في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما كانت اقتصادات أوروبا واليابان والاتحاد السوفيتي السابق والصين مدمرة تقريبا، وانخفضت تلك الحصة تدريجيا لتصل إلى نحو 25.8% من الإجمالي العالمي عام 1997.
وتراجعت إلى نحو 23.2% من الإجمالي العالمي عام 2015، وهي تراوح حاليا حول خمس الإجمالي العالمي عند قياس الناتج بالدولار وفقا لأسعار الصرف السائدة، وإلى أقل من 19% من ذلك الناتج العالمي حاليا عند قياسه بالدولار وفقا لتعادل القوى الشرائية. وبالمقابل كان الناتج المحلي الإجمالي للصين يشكل نحو 3.5% من الإجمالي العالمي عام 1997. وارتفعت تلك الحصة إلى 14% من الناتج العالمي عام 2015، وهو يدور حول مستوى 17% من الإجمالي العالمي حاليا إذا قيس الناتج بالدولار وفقا لسعر الصرف السائد، وحول مستوى 23% من الإجمالي العالمي وفقا لتعادل القوى الشرائية.
أما الصادرات الأمريكية فقد كانت تشكل نحو ثلث الصادرات العالمية عند نهاية الحرب العالمية الثانية، وانخفضت إلى 8.4% من الإجمالي العالمي عام 2020 وفقا لتقرير إحصاءات التجارة العالمية الصادر عن منظمة التجارة العالمية (2021) مع وجود عجز هائل في الميزان التجاري الأمريكي بشكل متواصل منذ خمسة عقود. وبالمقابل ارتفعت حصة الصادرات الصينية، ومع الاستبعاد المتوقع للاحتياطيات الدولارية من احتياطي البنك المركزي الروسي بعد الإجراءات اللصوصية التي اتخذتها الإمبراطورية الأمريكية بوضع يدها على الأصول الدولارية لذلك البنك، فإن حصة الدولار في احتياطيات البنوك المركزية سوف تنخفض على الأرجح خاصة وأن روسيا تتجه لتسوية علاقاتها التجارية بالروبل، كما تتوسع الصين في تسوية علاقاتها التجارية مع العديد من شركائها في آسيا بالذات بالعملات المحلية للطرفين.
المصدر: RT