بقلم / داهي محمد الامين الهادي
النقاش منطقي في العموميات، والثقافة عقلانية على العموم، لكن حين نحاول إيجاد أبسط مظاهر الإختلاف بين المثالي، والواقعي تبدأ المعارك، لأن المثالية الحقيقية في مجتمعنا هي الأشخاص، والقبائل، والإثنيات، والجهات، والمصالح، والإيديولوجيا، والأنماط، والعادات، والتقاليد.
في الواقع كل مثقف يقدم رؤية ثاقبة، وكثيرا من “اتفاصيل ليدين” عندما تتعلق القضية بالعموميات، والآخر بمفهومه الواسع، والشمولي، وحتى الجزيئي، لكن عندما تعود سهام النقد إليه، ولو في نقاش تظهر جاهليتنا الجهلاء، ونركب خيل التعالي، والتباهي، والمغالاة، لأن الديكتاتورية طبعنا الغالب، الذي يغلب تطبعنا المزيف، وتلبسنا بسماحة المناهج، وإيماننا الكاذب بالرأي والرأي المخالف/الرأي الآخر.
قد يجالسك مثقف رصين، يسمعك طنينا، ورنينا، حول قدسية أن نؤمن بالنقاش، والتبادل الفكري، حين يقدم رؤيته لجهتك، ولك، وللآخرين، ولمناهجكم، وحين تكون على أبسط قدر من الوعي ستسمعه، وتجاريه، فتراه تفكيرا ومنطقا، لكن حين يكون النقاش عن منهجه، وعن شخصه، وجهته، ودائرته القريبة سيتمعر وجهه، وتحمر أشداقه، وتنتفخ مناخيره، وأوداجه، ويزفر .. ويزفر .. ويعربد ..
كان لنا أقارب في الواجهة، ومجتمع بمقدمة الركب، ولا يزالون بفضل الله، وكنا نرى من المنطقي أن ينتقدهم زيد وعمرو، وكل طرطور، ومغرور، وصرصور، لأن الواجهة تستدعي سهام الضوء، ورماح الظلام، ويسقط عليها الليل والنهار، وحين غابت الأطروحة، وظهر نقيضها، رأينا ناقدي الأمس لا يسمحون بخوض الكلاب في الأوحال، ولا في تبادل الآراء حول السقوط الواقعي، ولو بغية الإنقاذ، وبنية الإصلاح، لأنهم يحمون ذمارهم.
يجب أن نبارك للأغراب نجاح الديموقراطية، ولنبك حظنا العاثر.
هل الديموقراطية متدينة، أم أن الشورى متحجبة؟ وما حكم تعري الديموقراطية ؟ وهل الديكتاتورية واجبة على القوي، محرمة على البؤساء؟
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب