استشهاد شيرين ابو عاقلة شكل نقطة فاصلة في المشهد الوطني بالتنديد والادانة لجريمة اغتيالها فلسطينيا وعربيا ودوليا ومن خلال عشرات الدول والمنظمات الحقوقية ومجلس الامن الذين طالبوا بتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الجريمة، وآلاف المشاركين في تشييع جثمانها والحضور الى بيت العزاء بالقدس.
ومن المواقف النادرة ان 15 دولة اوروبية اصدرت بيان تنديد مشترك بالجريمة وطالبت بالتحقيق وتشكيل لجنة خاصة محايدة لهذه الغاية، وقال خبراء الامم المتحدة ان قتل شيرين قد يشكل جريمة حرب ، كما اعربت اميركا ودول اوروبية عن استياء وانزعاج بسبب مشاهدة العنف الاسرائيلي خلال تشييع الجثمان والاعتداء على المشيعين وتقريبا اسقاط التابوت الذي كان فيه نعش الفقيدة.
كل هذه الاحداث تشكل بصقة في وجه الاحتلال وتعرية لكل اكاذيبه ومحاولات التضليل التي يقوم بها، من جهة ، كما تشكل انتصارا معنويا كبيرا للموقف الوطني الفلسطيني وكل مطالبه ، من جهة اخرى.
ومن المفارقات الهامة في هذا السياق ، ان هذه التطورات تحدث ونحن اليوم نتذكر 15 أيار وهو الذي اعلنوا فيه قيام دولتهم ، ويشكل ذكرى النكبة التي حلت بشعبنا منذ ذلك التاريخ في عام 1948 حتى اليوم والايام القادمة.
اننا منذ 74 عاما، ونحن نطالب بحقوقنا ونقدم التضحيات الكثيرة في سبيل تحقيق هذه المطالب، ولكننا وبعد كل هذه السنوات ما نزال نرفع الصوت عاليا فقط وما تزال المطالب بعيدة وما يزال الاحتلال يتغطرس ويتمادى في انتهاكاته واعتداءاته على ارضنا وحقوقنا ومستقبلنا.
وسبب هذه الاوضاع المؤلمة ، هو اننا بعيدون عن التمسك بالقوة المطلوبة سياسيا واقتصاديا وعسكريا والوحدة التي هي اساس كل ذلك.
ان كل يهود العالم لا يزيدون عن عدد سكان القاهرة والاستيطان حين بدأ في عشرينات القرن الماضي كان لا يشكل اكثر من 2٪ من سكان فلسطين التاريخية، ولكنهم تمكنوا من السيطرة والتوسع حتى وصلنا الى ما نحن عليه في هذه الايام ، ولا تبدو في الافق التاريخي اية ايجابيات تبشّر بالخير، ولعل ابرز مثال على ذلك هو هذا الانقسام بين غزة والضفة مما يشكل وصمة عار في تاريخنا المعاصر ، من ناحية ، وهيمنة الجالسين على الكراسي واستفرادهم بالحكم والنفوذ بدون منافس ولا انتخابات، من ناحية اخرى.
في ذكرى النكبة ومشاهد تشييع الشهيدة شيرين ابو عاقلة ، يعلو الصوت والمطالبة بأن يصحو هؤلاء الذين لا يستمعون لصوت الشعب وتطلعاته نحو حقوقه وكرامته الوطنية ، ونظل ندور بالدائرة المفرغة من البيانات والشعارات والكلام الفارغ الذي سئمنا سماعه منذ عشرات السنين. فهل يستمعون ويتخذون اولى الخطوات وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية الحرة ؟؟