يتضح للمتابعين والمراقبين للأحداث التي تجري في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس المحتلة خلال شهر رمضان المبارك، أن قوات الاحتلال تتعمد تصعيد انتهاكاتها ضد المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، وتنتهك بشكل صارخ حق وحرية العبادة، وكافة الحقوق والحريات السياسية والمدنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، التي تكفلها الشرعة الدولية لحقوق الانسان عموما.
وأن حديث حكومة الاحتلال عن السماح لجميع أتباع الديانات بممارسة حقهم في العبادة وأداء شعائرهم الدينية بشكل متساوي وبدون تمييز، هي مجرد أكاذيب وتضليل للرأي العام، وتنفيه كل الوقائع التي تجري على الأرض، سواء في القدس أو في سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فقد أكدت ممارسات الاحتلال في القدس خلال شهر رمضان المبارك أنها تنتهك كافة الحقوق والحريات التي يكفلها قانون حقوق الانسان، وذلك بتعرضها لكافة حقوق وحريات الفلسطينيين بمختلف فئاتهم، وخاصة وسائل الاعلام والصحفيين، للحيلولة دون نشر حقيقة الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، التي تجري على الأرض الفلسطينية، لدحض رواية الاحتلال التي تؤكد بما يخالف الحقيقة أنها تسمح بممارسة الحقوق والحريات للفلسطينيين بكل فئاتهم.
إن أكثر ما يزعج قوات الاحتلال وحكومته اليمينية المتطرفة، أن تنجح وسائل الاعلام وينجح الصحفيين من نقل حقيقة الأحداث التي تجري على الأرض كما هي، وبصورة موضوعية وحقيقية بما يخالف الصورة والرواية الإسرائيلية الكاذبة، لذا تلجأ قوات الاحتلال إلى منع الصحفيين من القيام بعملهم بكافة الوسائل، ليس فقط منعهم من حريتهم في الحركة والتنقل لتغطية ما يجري على الأرض، بل تتعدى ذلك لتشمل اعتقال الصحفيين والتعرض لهم والاعتداء عليهم بما يعرض حياتهم للخطر.
وفي هذا الإطار استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في استهدافها للصحفيين الفلسطينيين، الذي يعملون على تغطية اقتحامات المستوطنين واعتداءات قوات الجيش الإسرائيلي المتكررة على المواطنين في المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان المبارك.
أصيب يوم الجمعة الماضي لوحده ثلاثة صحفيين إصابات لا يمكن أن توصف سوى أنها تقع في دائرة الاعتداءات الخطيرة التي تستهدف الصحفيين، إذ أصيب الصحفي علي ياسين برصاصة مطاطية في حنجرته سببت له جرحا عميقا في رقبته، فيما أصيب كلا من الصحفيين "محمد عشو" و"أحمد شريف" برصاصات مطاطية في أقدامهم.
ومنذ بداية شهر رمضان سجلت عشرات الإصابات في صفوف الصحفيين في ساحات المسجد الأقصى، بشكل متعمد لإبعادهم ليس فقط عن المكان، وإنما لردعهم عن تغطية الاحداث، وتنوعت الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين ما بين الإصابة بالرصاص المطاطي، أو الاختناق بغاز القنابل أو غاز الفلفل إلى حد التعدي السافر بالضرب المبرح على الصحفيين، لمنعهم من تغطية جرائم الاحتلال وانتهاكاته.
وقد بلغت الاعتداءات على الصحفيين المقدسيين ذروتها خلال الهبة الأخيرة السنة الماضية، رفضا لإخلاء عائلات حي الشيخ جراح، ودفاعا عن المسجد الأقصى المبارك، وسجل مركز إعلام الناصرة 42 اعتداء خلال شهر أيار/ مايو الماضي بحق صحفيين مقدسيين، خلال قيامهم بعملهم المهني في مناطق مختلفة من القدس.
وكان آخر تلك الاعتداءات اعتقال الصحفية جيفارا البديري، مراسلة قناة الجزيرة، والاعتداء عليها وعلى مصور القناة أثناء قيامهما بتغطية فعالية لأهالي حي الشيخ جراح، ما يفتح ملف الاعتداء كذلك على المصورين الصحفيين لمنعهم من توثيق الانتهاكات في المدينة.
استنكرت المراكز الصحفية والإعلامية ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، جميع الاعتداءات السافرة من قبل قوات الاحتلال بحق الصحفيين في مدينة القدس وبقية المدن الفلسطينية وأكدت هذه المؤسسات الاعلامية أن سياسة الإفلات من العقاب والتعامل الدولي مع دولة الاحتلال على أنها فوق القانون، هو ما يشكل ركيزة أساسية وتشجيعا لها بالاستمرار في هذه الاعتداءات.
وأكدت العديد من المؤسسات الصحفية، إن قوات الاحتلال تواصل استهدافها المتعمد للصحفيين الفلسطينيين دون أدنى اعتبار للحماية المكفولة للصحفيين بموجب القوانين الدولية والمواثيق والأعراف الإنسانية، مسجلة أعلى المؤشرات على صعيد محاربة حرية الإعلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لاسيما في ظل الصمت غير المقبول والمستهجن من قبل المنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين والدفاع عنهم، الأمر الذي يؤكد على ضرورة تحرك هذه المؤسسات للقيام بمسؤولياتها المهنية والقانونية، لوقف هذه الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية التي يتعرض لها الصحفيين والإعلاميين.
كما ينبغي أن تتحمل كافة المنظمات الدولية، وخاصة هيئات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان، وكافة الهيئات الحقوقية الدولية كافة، مسؤولياتها القانونية لضمان حرية عمل الصحفيين والإعلاميين، ومحاسبة إسرائيل " السلطة القائمة بالاحتلال" عن الجرائم التي ترتكبها بحق الصحفيين والمؤسسات الاعلامية.