نشرت منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها يوم الثلاثاء الماضي الموافق الأول من شباط/فبراير 2022 تقريرها السنوي الذي تكون من 280 صفحة والذي أثبت أن النظام في إسرائيل هو نظام فصل عنصري (أبارتايد) ويطبق سياسة الفصل العنصري، ودعا في الوقت ذاته إلى وقف هذه الجريمة ضد الفلسطينيين.
وفيما شهد العام الماضي 2021 صدور تقريرين مشابهين من قبل كل من منظمة بيتسليم الإسرائيلية التي تتخذ من تل أبيب مقرا لها، ومنظمة هيومان رايتس ونش (HRW) التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إلا أن تقرير منظمة العفو الدولية قد اثار غضب تل أبيب والعواصم الكبرى الشريكة لها في مشروعها الإستعماري خاصة واشنطن ولندن، إذ سارعت هذه العواصم لوصف التقرير باللاموضوعية والإنحياز لصالح الفلسطينيين ضد إسرائيل، ويعود غضب هذه العواصم لأهمية العفو الدولية كونها المنظمة الأكبر والأضخم في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن مصداقية تقاريرها ومدى تأثيرها على الراي العام العالمي.
ومن جهة أخرى سارعت مكونات اللوبي اليهودي في أمريكا في أتهام منظمة العفو الدولية باللاسامية ومعاداة اليهود وحذرت من أن يؤدي التحريض ضد دولة اليهود إلى إرتكاب أعمال عنف ضد اليهود خارج إسرائيل.
تجدر الإشارة هنا إلى أن وسم إسرائيل بالعنصرية (الأبارتايد) قد أصبح حقيقة مثبتة بالأدلة والقرائن التي لا يمكن دحضها، لا سيما وأن هذا الوسم يأتي من قبل مؤسسات حقوقية متخصصة وذات باع طويل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي السياق ذاته من المتوقع أن يخرج فريق التحقيق المكلف من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالتحقيق في جرائم إسرائيل في عدوانها الأخير على غزة في شهر أيار الماضي وكذلك في جرائمها ضد الفلسطينيين في القدس وضواحيها بالنتيجة ذاتها في تقريره النهائي الذي سيصدر في شهر تموز القادم من العام الجاري والذي سيعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة في إجتماعها السنوي في شهر ايلول القادم، الأمر الذي أطلقت الخارجية الإسرائيلية حملة ضخمة لجهة منع إقتران إسم إسرائيل في فقراته، كما جرى تجنيد 40 عضوا من الكونجرس الأمريكي لهذا الغرض.
وإذا ما فشلت الحملة الإسرائيلية والأمريكية في تحقيق غايتها، ويقينا أنها ستفشل، وصدر تقرير المجلس، تكون دائرة وسم إسرائيل بالأبارتايد قد اكتملت، لا سيما وأن وسم إسرائيل بالأبارتايد آخذ في الإزدياد في أوساط المثقفين والأكاديميين والإعلاميين والناشطين الإجتماعيين خاصة من الأوساط اليهودية في كل من بريطانيا وأمريكا وكندا، تصبح إسرائيل الدولة العنصرية الثانية بعد دولة جنوب أفريقيا إبان حكم البيض، الأمر الذي يعني أن الشرط الثاني من شروط إسقاط هذا النظام قد تحقق، وكنت قد أشرت الى الشروط الأربعة التي أدت الى سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا في مقال الأسبوع الماضي والذي حمل عنوان (لماذا تخشى إسرائيل أن يقترن إسمها بالأبارتايد في تقارير الأمم المتحدة).
يضع ما تقدم جهتين أمام مسؤوليات جسام تتكون الجهة الأولى من المكونات السياسية للشعب الفلسطيني بلونيها الوطني والإسلامي وفي مقدمتهما الديبلوماسية الرسمية الفلسطينية، وتشمل الجهة الثانية الحركة الدولية المناهضة للعنصرية والأبارتايد، لا سيما وأن إنضاج ما تبقى من شروط، لإسقاط نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وتحويل إسرائيل من إسرائيل الكبرى العنصرية كما وصفها عالم السياسة الأمريكي جون ميرشايمر العام 2010، إلى فلسطين الكبرى الديمقراطية كما يطالب بها الغالبية العظمى من الجيل الفلسطيني الشاب وفقاً لإستطلاعات المركز الفلسطيني للبحوث المسحية والسياسية، ووفقاً لخطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخير في ايلول الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي وضع العالم برمته أمام خيارت ثلاثة، يبدو ان الخيار الثالث الذي يقوم على مواجهة نظام الفصل العنصري هو الخيار الأكثر احتمالاً، تقع على كاهل هاتين الجهتين
فالجهة الأولى مطالبة من بين أمور كثيرة لن يتطرق لها هذا المقال بالتوحد على هذا الخيار وإنهاء الإنقسام، لا سيما وأن هذا الخيار يقوم على المطالبة بكل فلسطين وليس بجزء منها، والجهة الثانية مطالبة من بين أمور أخرى بتكثيف وتوسيع إحتجاجاتها أمام الحكومات والبرلمانات ومطالبتها بوقف دعمها لجريمة الأبارتايد وكذلك توسيع وتكثيف الإحتجاجات أمام السفارات الإسرائيلية في كل من واشنطن ولندن تحت عنوان سفارة دولة الأبارتايد