تعزية

أحد, 01/16/2022 - 22:01

توفي المفكر و السفير العراقي السابق قيس العزاوي مساء أمس 15 يناير 2022 في مدينة "نانت" بغرب فرنسا بعد صراع مع المرض.
و إنني إذ أعزي زوجته دانيل و أبناءه و كل أحبائه لأعزي نفسي في فقد أحد أقرب أخلائي و أعز أصدقائي.
إن وقع الصدمة شديد علينا جميعا فرحيل الدكتور قيس العزاوي يترك فراغا كبيرا بحجم شخصيته الفذة و مآثره الجمة.
عرفت الفقيد سنة 2010 حين كنت سفيرا لبلادي في القاهرة وكان هو مندوبا للعراق لدى الجامعة العربية. و قد دعاني إلى الانضمام إلى بعض أصدقائه من المفكرين و الدبلوماسيين العرب لتأسيس الصالون الثقافي العربي في القاهرة. و كان له الدور الابرز في رعاية هذا الصالون و استمراره رغم الظروف الاستثنائية التي مرت بها مصر آنذاك . كانت تلك بداية صداقة ربطت بيني و بينه و ظلت تنمو و تتعزز منذ مَا ينيف عن عقد من السنين لم يزدها التباعد بيننا و لا تساقط أوراق العمر إلا قوة و متانة.
لقد كان رحمه الله شخصية متعددة الأبعاد.
عرفت فيه المناضل العروبي الذي أفنى شبابه في الكفاح في سبيل وحدة الأمة و تحرير أرضها.
عاش في المنفى أزيد من ثلاثين سنة و تطوع للقتال في الجيش المصري و كافح من أجل فلسطين أثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان و حصار بيروت .
كان الدكتور قيس العزاوي مفكرا عصاميًا شجاعا عاش في المنفى طويلا بفرنسا حيث كابد ظروف الغربة القاسية حتى حصل على الدكتوراه من جامعة السربون و أنشأ دارا للنشر في باريس كان لها الفضل في إصدار مؤلفات الفيلسوف الفرنسي المسلم روجي كارودي بعد أن قاطعته جميع دور النشر الفرنسية تحت ضغط اللوبي الصهيوني.
في القاهرة تعرفت عن قرب على خصاله و مآثره الحميدة. كان كريما ذا أريحية عربية أصيلة. فكان بيته مفتوحا للجميع و عنايته تسع كل الذين عرفوه.
أحب مصر حباًّ جماًّ إلى حد أنه قال لي ذات يوم إنه لا يستعذب الحياة إلا في القاهرة و كان له ما أراد فعاش فيها حتى آخر أيامه.
كان الدكتور قيس العزاوي متسامحا ومتواضعا إلى أبعد الحدود و لكنه كان في ذات الوقت أبِياً لا يقبل الضيم و لا يساوم على مصالح وطنه و أمته العربية.
عاشرته سنوات طويلة في الجامعة العربية فما رأيته غضب يوما الا من أجل العراق أو من أجل القضية الفلسطينية.
كان الدكتور قيس العزاوي مثالا للمثقف الملتزم الذي ظل يحرص على إبداء رأيه و الدفاع عن مواقفه فكانت مقالاته عن أحداث و قضايا الأمة تصدر تباعا في الصحافة العراقية و المصرية حتى آخر أيامه.
رحم الله أخي و صديقي قيس العزاوي.

سيدي محمد ولد بوبكر

الفيديو

تابعونا على الفيس