دفع التهديد بقطع الدعم المالي الخارجي الجيش السوداني إلى إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أطاح به قبل شهر إلى كرسيه. لكن ممثلي المجتمع المدني، الذين ظلوا يناضلون طوال الشهر، قرروا عدم وقف الاحتجاجات. رافضين التفاوض مع الانقلابيين.
وقّع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الأحد، مع عبد الله حمدوك، بالخرطوم، وثيقة إعادة الأخير إلى رئاسة الحكومة.. وتتضمن الوثيقة، المكونة من 14 نقطة، مادة خاصة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وتنص على تشكيل مبكر للسلطات الانتقالية، وجيش وطني موحد ومحكمة دستورية، فضلا عن تنفيذ الاتفاقات المبرمة قبل عامين بين القوى المدنية والجيش.
وقال حمدوك خلال مراسم التوقيع بالقصر الرئاسي بالخرطوم إن توقيع الاتفاقية تفتح الباب أمام حل كافة قضايا ومشكلات الفترة الانتقالية.. وتساعد على الخروج من الاختناق الداخلي والخارجي وإعادة مسار الانتقال إلى الديمقراطية. وشكر اللواء البرهان عبد الله حمدوك ووصفه بالشريك الموثوق.
وكانت تصرفات الجيش قد تعرضت لانتقادات شديدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الإفريقية. وطالبوه بإعادة الأمور إلى نصابها.. خلافا لذلك، توعدوا السودان بالحرمان من الدعم المالي. وأعلن البنك الدولي وواشنطن، عمليا، عن تجميد المدفوعات للخرطوم..
ولكن شعار "حمدوك خان الثورة" تعالى الأحد وسط الحشود خارج القصر الرئاسي..قرر ممثلو حركة "قوى الحرية والتغيير" عدم وقف الاحتجاجات.. وقالت الحركة في بيان "نعيد تأكيد موقفنا الواضح والمعلن سابقا: لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين". وبحسب الوثيقة، يجب تقديم منفذي انقلاب أكتوبر للعدالة.
وفي الصدد، قال الأستاذ المساعد في قسم التاريخ العام بكلية التاريخ في جامعة العلوم الإنسانية الحكومية الروسية، سيرغي سيرغيتشيف، لـ"كوميرسانت": "من الواضح أن حمدوك قدم تنازلات مقابل عودته، بما في ذلك تمديد الفترة الانتقالية والتخلي عن المطالبة بنقل المؤسسات المملوكة للجيش إلى الولاية القضائية المدنية، وبشكل عام، الحد من سلطة الجيش. من حيث المبدأ، ليس لدى السلطات المدنية فرصة لمحاسبة الجيش وممارسة السلطة بشكل مستقل في البلاد". كما أشار سيرغيتشيف إلى تنازلات من عبد الفتاح البرهان، ليس للقوى المدنية، إنما لواشنطن. فـ "الجنرال يخشى العقوبات ووقف التدفقات المالية".
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب