يقول ملاي ادريس حاكم الادارسة في خطبة قصيرة وعميقة الدلالة
“لقمةٌ في بطن جائع خير من بناء ألف جامع، وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع، وخير ممن قام لله بين ساجد وراكع، وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع، وخير ممن صام الدهر والحر واقع، فيــــــا بشرى لمن أطعم الجائع”.
-ما يمرّ به العالم كله اليوم من تداعيات خطيرة في كل قطاعات الحياة نتيجة جائحة “كورونا “والتي ادّت الى ركود اقتصادي عالمي وانهيارات في اسواق البورصات والأسهم وانخفاض شديد في أسعار النفط العالمي، وتوقف شبه تام للطيران والسفر والنقل بين دول العالم وتوقف التجارة الدولية وتوقف شبه تام للقطاع الصناعي والخدمي وكذلك توقف شبه تام لمعظم مفاصل الحياة والتداعيات المستمرة وتتطور وتتعاظم تدريجياّ ،يوماّ بعد آخر، وانعكاساته الاجتماعية.والنفسية والاقتصادية
– ولا يمكن التبنبؤ- الله اعلم- بدقة عن مستقبل العالم ما بعد كورونا وكيف ستكون خارطة العالم السياسية والاقتصادية الجديدة وكيف ستتغير التوازنات العالمية لأن الجائحة مستمرة بحصد الأرواح،- وبتدمير الاقتصادات في كل دول العالم ولا يمكن معرفة حجم الانهيارات القادمة.
تعلمنا منذ صغرنادرسا لاينسي ان كل مصيبة او مشكلة تحدث لنا يجب ان نستفيد منها ونعيد حساباتنا فيها، لكي نخرج أقوى من قبل ولكي نتمكن من مواجهة ما ينتظرنا في المستقبل “مصائب قوم عند قوم فوائد،” ومن هذا المنطلق البسيط يجب ان تفكر حكومتنا ،بجدية بعيدا عن الغوغائية والعواطف بما حدث وسيحدث من جرّاء انتشار كورونا بعدالموجة الاولي والثانية الثالثة المتحورة والخطيرة الانتشار
وتقييم تلك المرحلة والنظر ببصيرة في الموجة الثالثة. من هذا الفيروس الفتاك،الذي بدأ يظهر بطريقة سريعة ومذهلة في بلادنا
يجب اعادة كل الحسابات ومراجعة السياسات ووضع خطط استراتيجية طويلة ومتوسطة المدي ،و التسلح بنيّة حقيقية للاصلاح الحقيقي واعادة بناء البلد والتخطيط السليم لتغطية صحية شاملة تراعي طبيعة المجتمع وتتحري الصدق والشفافية في التعاطي مع كرونا19المستجد
-تحقيق مبدأ مهم جداّ وهو (الاكتفاء الذاتي)”فلا حرية لشعب يأكل من وراء حدوده،” ووضع الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء من الاولويات كهدف حقيقي لسياسة البلد لان (جائحة كورونا) أوضحت لنا حقيقة مهمة جداً بأنه لن يصمد أي بلد أمام مثل هذه التحديات الخطيرة، غير البلد مكتفي ذاتياً من كل النواحي وانه لن ينفعك أحد في وقت الشدة الا نفسك لأن الكل منشغل بنفسه.” ما علي اليوم الي نفسي”
-وموريتانيا والحمد لله تتوفر علي موارد طبيعية وطاقات متجددة تكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، على أكمل وجه ولا تحتاج الا الادارة سياسية جادة وصادقة و حكومة شريفة نظيفة اليد ،بصيرة بما تفعل للنهوض بالقطاعات الحيوية المهمة مثل الزراعة والصناعة وتربية الحيوانات والاسماك والدواجن فهما اساس تحقيق الاكتفاء الذاتي.
-ويجب على الحكومة أن تضع خطط تنموية حقيقية للنهوض بهذه القطاعات الحيوية ووضع السقوف الزمنية الدقيقة، و الخطط التنموية المرسومة والعمل على اعادة الحياة لكافة المصانع والمعامل المتوقفة وتقديم الدعم الكامل بكل أنواعه للمزارع الموريتانية في شمامة- وسد فم لكليت -واعادةهيكلة القطاع العام والقطاع الخاص الصناعي ووضع القوانين الصارمة وفرض الضرائب والرسوم العالية على الاستيراد لتوفير الحماية الكاملة للمنتجات الوطنية، والعمل على تشجيع الشباب الاستصلاح الأراضي واقامة المزارع التعاونية ،وادخال المكننة الزراعية الحديثة، وتوفير المبيدات الزراعية والبذور والحبوب وتقديم التسهيلات الكاملة ،والقروض لاقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سواء كانت صناعية أو زراعية مروية اوموسمية”لتحقيق الاكتفاء في مجال الخضروات” أو تربية حيوانات أو دواجن أو غيرها.وما أزمة كركارات علي الحدود مع المغرب في السنة الماضية منا ببعيد؟
-ان الاهتمام بهذه القطاعات والنهوض بها سيمكن البلد من تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل النواحي، وسيمكن البلد من تحقيق الأمن الغذائي للمواطن وسيمكننا من الصمود أمام أي تحدي مستقبلي خطير ويجعلنا لانحتاج الي قروض وديون علي كاهل الدولة الموريتانية والاجيال القادمة .
وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأمور الضرورية لديمومة حياة المواطن الموريتاني.
-هذا نداء للحكومة أن تجعل من الاكتفاء الذاتي للبلد هدفاّ استراتيجياَ ، وأن تعمل بكل امكاناتها لتحقيق هذا الهدف السامي الذي يضمن مصلحة الشعب الموريتاني القليل سكانا المتنوع ثروات وكفاءات، وأن تسخر موارد البلد لتحقيق هذا الاكتفاء، الذي سيجعلنا نصمد أمام مايخبئه لنامفاجئات
فهل ستستجيب الحكومة لهذا النداء؟ وتعرف ان الحياة للاقوي والضعيف لا يعيش؟ والشعوب الجائعة لا تصنع المستقبل لا تبني الدول وانه "لاحرية لخائف ولاكرامة لجائع" .
حفظ آلله البلاد والعباد وتولانا بلطفه وبرحمته