في كل مرة أفتح فيها جهازي لأكتب شيئا عن القائد الأوحد الذي أكتب عنه دائما تخطر في بالي فكرتان أولهما:
لماذا لا تطاوعني اللغة ومفرداتها إلا حين أخطط للكتابة عنه
ويأتي الجواب كالتالي:
السبب هو أنني أكتب بإخلاص عن رجل تتضافر فيه كل الحقائق الإنسانية التي أكتب عنها ورغم أنني أكتب بشكل شبه مستمر إلا أن القيم الراسخة فيه لا تنفد نهائيا بل تظل تتوالد مع كل فكرة أكتبها عنه
والفكرة الثانية:
هي لماذا الكتابة عن الأشخاص الطيبين ممتعة لهذه الدرجة
وجميعنا كصحافة نعرف مشقة الكتابة بوصفها إحدى أكثر الفنون صلابة وقسوة وإمعانا في في الدلال،إنها لا تأتي إلا حين تريد هي ذلك وبإرادة جد خالصة منها
الأمر هنا يختلف تماما عن الكتابة عن مسغارو فهي منطاعة وسلسة وأليفة
أعتقد أن السبب يرجع لمعرفتي الراسخة بحقيقة الرجل الكامنة في إنسانيته التي كتبت عنها مرات ولم أستطع أن ٱتي بعشر معشارها
في اللغة حسب تجربة متسع جيد للكتابة عن صفات مسغارو لكنها تضيق عن إحصائها أو تعديدها
سأكتفي بذكر بعض قيمه الخالصة مستعينا بنص جرير:
يُكَلِّفُني فُؤادي مِن هَواهُ
ظَعائِنَ يَجتَزِعنَ عَلى رُماحِ
ظَعائِنَ لَم يَدِنَّ مَعَ النَصارى
وَلا يَدرينَ ما سَمكُ القَراحِ
فَبَعضُ الماءِ ماءُ رَبابِ مُزنٍ
وَبَعضُ الماءِ مِن سَبَخٍ مِلاحِ
سَيَكفيكَ العَواذِلَ أَرحَبِيٌّ
هِجانُ اللَونِ كَالفَرَدِ اللَياحِ
يَعُزُّ عَلى الطَريقِ بِمَنكَبَيهِ
كَما اِبتَرَكَ الخَليعُ عَلى القِداحِ
تَعَزَّت أُمُّ حَزرَةَ ثُمَّ قالَت
رَأَيتُ الوارِدينَ ذَوي اِمتِناحِ
تُعَلِّلُ وَهيَ ساغِبَةٌ بَنيها
بِأَنفاسٍ مِنَ الشَبِمِ القَراحِ
سَأَمتاحُ البُحورَ فَجَنِّبيني
أَذاةَ اللَومِ وَاِنتَظِري اِمتِياحي
ثِقي بِاللَهِ لَيسَ لَهُ شَريكٌ
وَمِن عِندِ الخَليفَةِ بِالنَجاحِ
أَغِثني يا فَداكَ أَبي وَأُمّي
بِسَيبٍ مِنكَ إِنَّكَ ذو اِرتِياحِ
فَإِنّي قَد رَأَيتُ عَلَيَّ حَقّاً
زِيارَتِيَ الخَليفَةَ وَاِمتِداحي
سَأَشكُرُ أَن رَدَدتَ عَلَيَّ ريشي
وَأَثبَتَّ القَوادِمَ في جَناحي
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا
وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ
....
هذا البيت الأخير يمكن إسقاطه بكامل معناه على مسغارو المنحدر من عائلة عرفت بالكرم والعز والشهامة وكما في الشاهد النحوي:
قد شابه زيد أباه في الكرم
ومن يشابه أبه فما ظلم