راجع نص قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020 التأطير الماكرو-اقتصادي لقانون المالية الأصلي تماشيا مع المستجدات التي فرضتها الأزمة المرتبطة بجائحة كورونا، والتدهور الحاصل في معدل النمو الاقتصادي والتفاقم الحاد في عجز الميزانية. ونتيجة لذلك، أصبحت الفرضيات المعتمدة في إعداد قانون المالية لسنة 2020 متجاوزة.
وبالتالي، أصبح اعتماد قانون مالية تعديلي ضروريا للحفاظ أولا: على توازن مالية الدولة ( الفصل 77 من الدستور)، وثانيا: اتخاذ مجموعة من التدابير في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، من أجل مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
أهم الأرقام والمؤشرات التي جاءت في نص مشروع القانون المالي التعديلي:
اعتمد هذا المشروع على فرضيات جديدة، إذ يتوقع تسجيل تراجع لمعدل النمو بـ -5%، وارتفاع عجز الميزانية إلى 7,5%، وتراجع المحصول الزراعي من الحبوب بسبب الجفاف، بحيث يتوقع أن يصل المحصول الزراعي 30 مليون قنطار فقط، أما متوسط سعر غاز البوتان فقد تم تحديده بـ290 دولارا أمريكيا للطن.
ونشير، هنا، إلى أن الفرضيات التي تم اعتمادها عند إعداد قانون المالية الأصلي لسنة 2020 كانت على الشكل التالي: محصول زراعي من الحبوب يقدر بـ70 مليون قنطار، ومتوسط غاز البوتان محدد في 350 دولارا للطن، ومعدل نمو يقدر بـ3,7%، ومعدل عجز الميزانية يبلغ 3,5%.
من خلال هذه الفرضيات التي بني عليه قانون المالية الأصلي، يتبين لنا كيف ساهمت هذه الجائحة في تغيير هذه الفرضيات؛ وذلك نتيجة العواقب الوخيمة لهذه الجائحة على مستوى توازن المالية العمومية وكذلك على المستوى الاقتصادي.
وحسب مشروع قانون المالية التعديلي، سوف تتراجع إيرادات الميزانية العامة المتوقعة لنهاية السنة الجارية بنحو 17,38 %، بسبب التأثير السلبي للازمة الصحية، ومن المتوقع أن تشهد الموارد الجبائية انخفاضا بنسبة 18,59%، وكذلك الموارد غير الجبائية بنسبة 5.49%. وكما هو معلوم تعد الموارد الجبائية من أهم الموارد التي تعتمد عليها الدولة لتسيير مختلف القطاعات العمومية.
هذا الواقع الجديد فرض على الحكومة خفض الاستثمارات العمومية في مختلف القطاعات بحوالي 182 مليار درهم حسب القانون التعديلي، مقابل مبلغ 198 مليار درهم برسم قانون المالية الأصلي لسنة 2020.
وسوف يتم توزيع هذا الغلاف المالي على الشكل التالي:
-94,483 مليار درهم للميزانية العامة والحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، مع تحييد مبلغ التحويلات من الميزانية العامة إلى المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية والحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، مقابل مبلغ 77,305 مليارات درهم حسب التوقعات الأولية، أي بارتفاع بنسبة تفوق 22 %؛
- 72,517 مليار درهم للمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، مقابل مبلغ 101,195 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2020، أي بانخفاض يبلغ 28,3%؛
- 15مليار درهم للجماعات الترابية مقابل مبلغ 19,5 مليارات درهم حسب التوقعات الأولية، أي بنسبة انخفاض تبلغ 23%.
كما تم تأجيل برمجة بعض المشاريع الجديدة المقرر إطلاقها سنة 2020 إلى غاية سنة 2021، بالنظر إلى مستوى التقدم المحرز في الدراسات المتعلقة بها. وأيضا إعادة توزيع الاعتمادات المخصصة لبعض المشاريع بين اعتمادات الأداء واعتمادات الالتزام، بناء على مستويات الإنجاز والقدرة على الأداء دون التأثير على الوترية العادية لإنجاز لهذه المشاريع.
في حين تم تقليص الإعانات المقررة لفائدة المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، بالنظر إلى تعديل ميزانياتها على ضوء قدرتها على الأداء، وكذا التحويلات المرصودة للحسابات الخصوصية للخزينة من الميزانية العامة، بناء على فائض خزينة هذه الحسابات.
وتجدر الإشارة، هنا، إلى أن مشروع قانون المالية التعديلي أبقى على الاعتمادات المخصصة لنزع ملكية العقارات، بهدف توفير الوعاء العقاري اللازم لبعض المشاريع، وكذا لتنفيذ القرارات القضائية.
أهم التدابير المقترحة في هذا المشروع:
الرفع من رسوم الاستيراد المطبقة على بعض المنتجات مكتملة الصنع، الموجهة إلى الاستهلاك من 30 %إلى 40 %؛ وذلك في حدود النسب المكرسة من طرف المغرب على مستوى منظمة التجارة العالمية.
وتم التأكيد من خلال مشروع قانون المالية التعديلي على مواصلة تقديم الدعم من "الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19" إلى غاية نهاية سنة 2020، بالنسبة لبعض القطاعات الاقتصادية التي ستعرف صعوبات بالرغم من الرفع التدريجي للحجر الصحي.
ولقد تم ربط الدعم المقدم لمختلف المقاولات لمواكبتها في مرحلة استئناف النشاط بضرورة احتفاظها بـ 80 %على الأقل من أجرائها، المصرح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتسوية السريعة لوضعية الأجراء غير المصرح بهم.
ويقترح مشروع قانون المالية التعديلي تمديد وقف اسـتيفاء رسـم الاستيراد المطبق على القمح اللين ومشتقاته. كما تم تأكيد على وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على القمح الصلب والعدس والحمص والفول والفصولياء العادية، من أجل ضمان تزويد عادي ومنتظم للسوق الوطني من هذه المواد، في ظرفية تتسم بضعف الإنتاج الوطني وتفشي جائحة كوفيد 19.
كما يتضمن هذا المشروع مقترح تأجيل الآجال إلى غاية 15 دجنبر 2020، فيما يخص الإقرار التصحيحي التلقائي بالنسبة للخاضعين للضريبة المنصوص عليها في المادة 247-XXVIII من المدونة العامة للضرائب. وأيضا تمديد الآجال إلى غاية 31 دجنبر 2020، فيما يخص مسطرة تسوية الوضعية الجبائية للملزمين الذين لم يدلوا بإقرارهم السنوي بمجموع الدخل برسم الدخول العقارية برسم السنوات السابقة غير المتقادمة.
زيادة على ذلك، تم تخفيض واجبات التسجيل المطبقة على اقتناء عقارات معدة للسكن، خلال الفترة الممتدة من تاريخ نشر قانون المالية المعدل لسنة 2020 بالجريدة الرسمية إلى غاية31 دجنبر 2020 والمتعلقة بالاقتناء بعوض لمحلات مبنية معدة للسكنى وكذا باقتناء المحلات المذكورة من طرف مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها في إطار عقد "مرابحة" أو "إجارة منتهية بالتمليك" أو "مشاركة متناقصة". ويمنح هذا التخفيض عندما لا يتجاوز مبلغ الأساس الخاضع للضريبة للاقتناءات المذكورة مليون درهم.
*أستاذة مساعدة، كلية الحقوق- طنجة، جامعة عبد المالك السعدي