جريمة بشعة شهدها الحي الهادئ بالمعادي، مسلحون يطلقون نيرانهم على ماجد ووالدته، ثم يهربون، مباحث المعادى ألقت القبض على أحد المتهمين، وتكثف جهودها للقبض على بقية الجناة، أهالى المنطقة يعيشون فى رعب، ليل نهار، الفزع يسيطر على سكان العمارة، بعد أن لقي كل من هذا الشاب ووالدته مصرعهما، فى ظروف غامضة، أسرة وأقارب المجنى عليهما يكشفون سر الجريمة، وينفون وجود ثأر ولكنها واقعة قتل ارتكبها متهمون لا يعرفون الرحمة!
الثلاثاء الماضي، وفي حوالي الثانية صباحًا، بدت حركة غير طبيعية بشارع 160 في المعادي، سيارات الشرطة تطوف في أرجاء المنطقة بأكملها، رجال المباحث ينتشرون بشكل كبير بالتحديد بميدان الاتحاد، كردون أمنى حول سيارة بيجو 7 راكب بيضاء، الكل يتساءل: ما الذى جرى؟!.
اكتشف الأهالى مقتل كبابجى شهير يدعى ماجد ووالدته بأكثر من 30 رصاصة داخل السيارة لحظة وصولهما أمام منزلهم!
مشاجرة قديمة
بدأ رجال المباحث الاستماع لأقوال شهود العيان وأسرة المجني عليهما حتى توصلوا إلى أن المجني عليه ووالدته حضروا إلى منزلهما بميدان الإتحاد، وبمجرد أن ركنا السيارة فوجئا بسيارة ملاكي على بعد أمتار قليلة من العقار محل سكنهم نزل منها شخصان مدججين بالأسلحة الآلية أسرعا ناحية الكباجي ووالدته وفتحا عليهما النار وسط ذهول عدد قليل من المارة والجيران، ولم يتركاهما إلا عندما تأكدا من مصرعهما وعاد الشخصان المسلحان بسرعة البرق إلى السيارة التى كانا بداخلها وكانا ينتظرهما شخصان آخران لتأمين الطريق، فرا الجناة وكأن الارض انشقت وابتلعتهم ولم يتمكن أحد من رؤية المتهمين أو حتى التقاط أرقام اللوحات المعدنية للسيارة نظرًا للظلام الدامس الذى حل أرجاء المنطقة بأكملها.
أمر اللواء أسامة بدير بمجرد إخطاره بالجريمة، بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى في مكان الحادث لجمع التحريات حول المجني عليهما ومعرفة إن كان لديهم خصومات مع أحد أم لا!
وقال شهود عيان، إنه عندما شاهد بعض أفراد أسرة المجني عليهما الحادث أسرعوا إلى أسفل ونزلوا من العقار ليشاهدوا ماجد ووالدته داخل السيارة غارقين وسط بركة من الدماء، وانطلقوا في صراخ ونحيب غير مصدقين ما حدث، اقترب منهم ضباط المباحث وحاولوا تهدئتهم وطلبوا منهم معرفة أي معلومات قد تفيد في القبض على القتلة، ولكنهم أخبروهم، أن ماجد شاب مسالم ليس له أي عداوات مع أحد، وأنه لديه محل مشويات شهير بشارع السوق القديم بالمعادى ومنذ بضعة أيام حدثت مشاجرة بين طرفين أمام المحل وحاول أحد الأطراف الدخول إلى محل ماجد لأخذ بعض السكاكين لاستخدامها في المشاجرة إلا أن ماجد تصدى لهم ورفض إعطائهم الأسلحة البيضاء، وأسفرت المشاجرة عن مقتل شاب وفارقت والدته الحياة حزناً عليه، وبعد قيام المباحث بالقبض على طرف المشاجرة فوجئ ماجد بأهل القاتل يطلبون منه بأن يشهد لصالحهم أمام النيابة العامة، ولكنه رفض طلبهم وطردهم، معلومات خطيرة شعر ضباط المباحث بأنها أول خيط للقبض على الجناة.
وبناء على هذه المعلومات، أخطرالمقدم محمد عاكف رئيس مباحث المعادي، بتفاصيل الواقعة كاملة إلى اللواء خالد يحيى مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة ليأمر بتشكيل فريق بحث ضم اللواءين عصام سعد وهشام العراقي نائبي المدير واللواء محمد توفيق مدير إدارة البحث الجنائي واللواء محمود خلاف رئيس مباحق قطاع الجنوب والعميد هشام عامر مفتش مباحث جنوب بالقاهرة والعقيد أشرف عبد العزيز وكيل فرقة مباحث الجنوب والعقيد محمد مصطفى مأمور قسم المعادى والمقدم وليد عوض نائب المأمور والرواد عمار عبد الحميد وهاني حداد وعيد توفيق معاوني مباحث المعادي لسرعة كشف غموض الحادث والقبض على المتهمين.
دموع وأحزان
"أخبار الحوادث" انتقلت إلى مسرح الجريمة بعد وقوع الحادث بساعات قليلة وعندما وصلنا إلى محيط العقار الذى حدثت به الواقعة وجدنا علامات الحزن قد ارتسمت على وجوه الجيران وأهالي المنطقة بسبب بشاعة الحادث.
وقال محمد.غ، 18 سنة، أحد شهود العيان بأنه يقطن في العقار الذى حدثت أمامه الحادثة ويوم الثلاثاء الماضى كان متواجد داخل السوبر ماركت وعندما اقتربت الساعة من الثانية صباحًا سمعنا صوت إطلاق رصاص بكثافة وعندما خرجنا لاستطلاع الأمر وجدنا شخصين مسلحين يطلقان النار على ماجد ووالدته داخل سيارتهما أمام العقار ثم فرا هاربين مستقلين سيارة كانت متوقفة بالمنطقة وكان معهما شخصين آخرين، ولكننا لم نستطع رؤية أحد منهم بسبب الظلام، وكمان كان في بواب بس متواجد بالداخل وملحقش يطلع يستطلع الأمر، يتنهد محمد ثم يواصل حديثه أسرعنا إلى السيارة ولكننا وجدنا ماجد ووالدته قد فارقا الحياة وجائت قوة من الشرطة وجمعت كافة المعلومات عنهما وأخبرتهم بأن ماجد رجل مسالم الجميع كان يحبه وليس له أي خصومات أو عداوات مع أحد.
وعندما اقتربنا من السيارة التى شهدت الجريمة تقابلنا مع أحد أقارب المجني عليهما شاب يدعى هيثم يعمل مستشار بالتحكيم الدولي بدأ يسرد القصة قائلة " يوم الحادث رجع ماجد ووالدته حوالى الساعة الثانية صباحًا وأثناء ركن السيارة قام شخصان يحملان بنادق آلي بإطلاق وابل من الرصاص عليهما حتى فارقا الحياة وفرا هاربين، دون معرفة أسباب الجريمة.
يضيف هيثم، كل اللى حصل إن ماجد كان في ناس حضروا إليه من فترة علشان يشهد زور في قضية كان مقتول فيها شخص في مشاجرة بشارع السوق القديم ولكن هو رفض تمامًا وهما بعد كده هددوه وكل اللى عرفناه إنهم ناس صعايدة من سوهاج، ولما حصلت الحادث توقعنا إنهم وراء الجريمة ولكن رجال المباحث لا يزالوا يجمعون التحريات لمعرفة مدى تورطهم في الحادث من عدمه.
بابا فين؟!
يستطرد هيثم حديثه، ماجد كان شابا بسيطا، عنده طفلان في عمر الزهور كل يوم بيسألوا "فين بابا" وكمان أقاربه في حالة انهيار حزنًا عليه، وناشد هيثم أجهزة الأمن بسرعة القبض على كافة المتهمين للقصاص منهم.
بينما التقطت شقيقة المجنى عليه طرف الحديث، كانت متأثرة بدرجة عالية، آثار الدموع كانت على وجنتيها، الحزن يكسو معالم وجهها، ترتدى عباءة سوداء، وبصوت يخنقه البكاء على والدتها وشقيقها، قالت: ماجد لم يكن عدوانياً أبداً، كان شابا مسالما، دمث الأخلاق، لايعرف سوى عمله، حينما تعرفه لا تريد أن تفارقه، كل زملائه كانوا يحبونه لأدبه الجم، زوجته وأولاده الصغار يبكون ليل نهار عليه، أمام والدتى فهى التى ربّت هذا الشاب، كلاهما كانا وجهان للإنسانية والحب والرحمة، أمى كانت تذهب مع ماجد لتقف إلى جواره فى العمل، تساعده، يدها بيده وهكذا الحال منذ وفاة والدنا، كان يحب كل الناس، يحمل هموم الفقراء، بالتأكيد عمله الطيب هو ووالدتى يساندهما الآن.
صمتت لفترة بسيطة ثم عادت تقول: المشكلة ان هناك الكثير من وسائل الإعلام والصحافة قالوا ان الحادث نتيجة ثأر وهم بذلك يضيعون حق ماجد، ذلك الشاب المتعلم الرافض لهذا الفكر، ثأر ايه ، لم يكن يعرف الثأر أبدا، عاش حياته مسالما، هو ضحية، لكن من يقول ذلك يلقى بحقه فى البحر ويضيعه دون أن يشعر ، كما أننا أسرة من المنصورة لا نعرف شيئا عن الثأر، من أين أتوا بهذا الكلام؟ لا اعرف!
وأنهت كلامها: أطفال ماجد يتولاهم الله، هو كان أفضل من كثيرين، لكن بوفاته محل الكباب هايتقفل، وأسرة مصيرها أضحى غامضا، حسبى الله ونعم الوكيل فى القتلة!