ربى يوسف شاهين
منذ أنّ وطأة أقدام الصهاينة ارض المشرق العربي، لم تهدأ الحروب والنزاعات السياسية والعسكرية، وتعاظمت ارتداداتها على جميع الدول المحيطة بالكيان الصهيوني. فمن فلسطين المحتلة إلى سوريا مرورًا بـ لبنان والعراق حتى اليمن، شهدت المنطقة تحولات جذرية على الصعيدين الاستراتيجي والجيوسياسي، فمن ناحية السيطرة والاحتلال، استطاع الكيان الاسرائيلي أنّ يُحقق له امتدادات عبر دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تكوين مستعمرة خاصة به، تُحيط بها سوريا والأردن ولبنان، وتمتد وفق الحدود الجغرافية لتصل الى السودان.
ولتحديد نقاط الالتقاء والاختلاف، ومنذ الحروب العربية مع العدو الاسرائيلي، بدأت عملية فصل الدول التي تقف مع أو ضد المستعمرة الإسرائيلية، إنّ كان في السر أو العلن، وقد بدأت خيوط اللعبة الأمريكية المُحركة للحروب في الشرق الأوسط بالتأثير، وكانت ارتداداتها متسارعة منذ حرب الخليج الأولى، لتشكل المسمار الذي دُق في الجسد العربي، وتوالت الحروب مع الدول المحاورة، والتي تُعد العقبة في وجه المخطط الصهيو امريكي، والانطلاقة كانت من العراق لتفتيته واستطاعة السيطرة عليه، والقضاء بالمقام الأول على الجمهورية الاسلامية الايرانية، فبدأت حروب المنطقة تندلع بين الدول المتجاورة بالحدود كالعراق وايران، وتبعتها حرب الكويت، وعندما حان الوقت للانقضاض على العراق بدأت الحرب الإرهابية تحت مُسمى أسلحة الدمار الشامل.
هي أجندات أرادت زرعها العصابة الأمريكية، لتتمكن من الولوج إلى العمق العربي لتحقيق مآرب الكيان الاسرائيلي، وما شهدته وتشهده سورية واليمن ولبنان من حروب ارهابية، تنوعت لكل بلد بحسب أجندة الإدارة الصهيو امريكية، وما زال الخناق الارهابي يفعل فعلته لأن ما حاولت واشنطن تحقيقه في العراق لم ينجح بالقدر الذي كانت تسعى له، رغم أنها استطاعت تدمير بناه التحتية وتحقيق التغيير الجيوسياسي والعسكري له، ولكن وجود الحشد الشعبي والجيش العراقي استطاع أنّ يحد من امكانية بقاء القوات الامريكية في العراق.
ومع وضوح المؤامرة التي رُتبت للمنطقة والحرب الإرهابية على سوريا، وخلق تنظيم القاعدة أو داعش الإرهابي في المنطقة، لتتمكن من البقاء حتى تحقيق ما أعلنته حكومة ترامب بما يُسمى صفقة القرن، وقد شهدنا خلال سنوات الحرب على سوريا ما كان يُخبأ تحت العباءة الأمريكية الإسرائيلية من مؤامرات، نلخصها بالتالي:
أولاً- إضعاف المنطقة العربية وخاصة سوريا ولبنان والعراق واليمن، مُستغلة تواجد الخونة وملفات ابتدعتها واشنطن لتبرير وجودها.
ثانياً- التضييق على الجمهورية الاسلامية الايرانية كونها الدولة الاقليمية المتطورة تكنولوجيًا وعلميًا، والتي تُشكل خطرًا وتهديدًا كبيرًا للكيان الاسرائيلي.
ثالثاً- محاولة لمنع حزب الله ومقاومته المسلحة من العمل على التطوير العسكري، لأن حرب 2000 و2006 شكّلت هزيمة نكراء لفكرة الجيش الذي لا يُقهر.
رابعاً- نشر فكرة أنّ من يريد أنّ يُحقق الديمقراطية والأمن فعليه اللحاق بركب الكيان الغاصب، فـ مشهدية الحرب على سوريا واليمن والعراق قد تُشكّل رادعًا لمن يخالف سياسة واشنطن.
خامساً- إظهار منطقة الشرق الأوسط وعبر استغلال الخطاب الإسلامي بأنها أرض نزاعات وحروب منذ عقود، مستغلة تواجد بعض الحركات الاسلامية المتطرفة كالإخوان المسلمين، لتحقيق أجندات خاصة تحت مسمى الديمقراطية.
سادساً- تنفيذ الخطة الاستراتيجية المبنية على الخنق الاقتصادي لتدمير الشعوب العربية خاصة في منطقة الحروب لتتمكن من تحقيق السيطرة الكاملة.
سابعاً- استغلال الفروقات السياسية والعسكرية والاقتصادية الدولية بين دول الشرق العربي، لتتمكن من زرع الفتن تحت مسمى الأمن القومي كما في إيران والسعودية.
ثامناً- إطلاق شعار “أمريكا أولا” لإظهار الدول المنافسة لها كروسيا الاتحادية والصين في المرتبة الثانية، وأن فكرة التعددية القطبية غير واردة في قاموس الولايات المتحدة.
في المحصلة نجد أنّه ومع التطورات الحاصلة وخاصة بالنسبة للعلاقة الأمريكية الإيرانية، ومع اغتيال الشهيد زادة، بأنّ الحرب الإرهابية ما زالت مستمرة، وأنَّ الإدارة الأمريكية لها ثوابت، وإنّ تغير سياساتها وهو أنّ الامن الاسرائيلي هو الأهم في المنطقة، وما تم تداوله عبر اتفاقيات نظمتها مؤسسات الغرب لا تفرض عليها تطبيقها، والاصل في الحكاية هو أنه لا يمكن أنّ تمتلك ايران صواريخ تُشكّل خطرًا على الأمن الاسرائيلي.