الصحراء دائما وأبدا

جمعة, 11/06/2020 - 11:39

حلول الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء تزامن مع فتح قنصليات إفريقية وعربية في الصحراء

نستنتج من هذه المبادرة الدولية أن الركون للحياد والتجاهل من طرف بعض الدول لم يعد مجديا مقارنة مع شرعية قضيتنا العادلة، ويعتبر تمرير رسالة إلى من يهمهم الأمر، مفادها أن الأقاليم الجنوبية مدمجة في التراب الوطني المغربي بشكل كلي، في إطار الدينامية الملكية التي أرست نموذجا تنمويا جديدا للأقاليم الجنوبية ومكنت من الانخراط في مسار التنمية الشامل للبلاد.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإننا نستحضر خطاب العيون الذي ألقاه جلالة الملك من العيون، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء سنة 2015، والذي أكد فيه أن الجهوية المتقدمة تؤكد وفاء المغرب لالتزامه وتطبيقه على أرض الواقع، ودعا إلى نقل الاختصاصات من المركز إلى الجهات، وبلورة عقد برامج بين الدولة والجهات مع إطلاق برامج ونموذج تنموي خاص بأقاليمه الجنوبية وضمان الأمن والاستقرار، خطاب صرح فيه أن الملك لا يرضى لساكنة تندوف الوضع المزري اللاإنساني والمتمثل في الفقر واليأس والحرمان والخرق الممنهج لحقوقها، سكان صيرهم البعض غنيمة حرب ورصيد للاتجار غير المشروع ومجرد متسولين للمساعدات الإنسانية، في الوقت الذي اغتنى فيه الانفصاليون وأصبحوا من ذوي الثراء الفاحش، الملك دعا في تلك المناسبة إلى المزيد من اليقظة للتعريف بقضيتنا العادلة والتصدي لجميع المناورات بصرامة وحزم والدفاع عن الوحدة الترابية، والحمد لله فإن دعوته إلى التعريف بالقضية العادلة، وادوار الديبلوماسية أسفرت عن فتح أول قنصلية لدولة جزر القمر، ليبلغ العدد ستة عشرة قنصلية إفريقية وعربية تسعة بالعيون وسبعة بالداخلة للتعبير عن دعم مواقف المغرب وقضيته العادلة

استحضر كذلك قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2018 هذا القرار الذي حصل على موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر وامتنعت روسيا مع اعتبار امتناعها حيادا إيجابيا وبوليفيا وإثيوبيا، والذي قد نعده إفلاسا سياسيا للبوليساريو، معتبرا أن طرفي النزاع ليس المغرب والبوليساريو بل المغرب ودول الجوار الشيء الذي يجرد البوليساريو من أي قرار سيادي أو سياسي

كما أن دعوة مجلس الأمن حاليا إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم، أمام الأعمال التخريبية التي تقوم بها عناصر البوليساريو والتصعيد السياسي لقيادتها وعدم احترام أدنى أبجديات التواصل الديبلوماسي في خطاباتها، يجعل المغرب يتوجه بخطى ثابتة نحو الانتصار لقضيتنا العادلة ووحدتنا الترابية المعتبرة جزءا لا يتجزأ من ثوابت الأمة.

منذ خطاب المغفور له الحسن الثاني بتاريخ 16 أكتوبر 1975 إلى الآن لن يتخلى المغرب عن ثوابته التي من ضمنها الوحدة الترابية، رغم المشاكل الداخلية والمعيقات وأعداء الخارج والداخل !

وإذا كان البعض ينتقد سياسات الحكومات المتعاقبة ويعتبرها فاشلة أو غير مبدعة، في إيجاد نماذج تنموية مجدية، فإنه شتان بين الحكومات والوطن بثوابته والذي يعلو ولا يعلى عليه، هو مزيج من دماء الأجداد وأمانة سلمها الخلف للسلف، تاج يرصع جبين المواطن الغيور، ولا يدنس قداسته سوى الأهوج عديم الأصول، ما قيمة الإنسان بدون وطن؟ وبدون تاريخ؟ ما قيمة الإنسان بدون ثروته البشرية وحضارته وموروثه الثقافي النضالي؟ ما قيمة الإنسان المستلب الرافض للمصالحة مع الذات؟ بل ما قيمة مأجوري الخارج وخونة الأوطان وكل من يقتات ويتسول لاكتساب فتات الأجانب على حساب سمعة الوطن؟ قد نحتج ضد الأوضاع المزرية وننتقد سياسة أحزاب مترهلة، ونواجه بسياسات حكومية وقرارات لا شعبية، ونحمل المسؤولية للناخب والمنتخب، ونطلق صرخات مدوية ضد كل من فشل في تخطي الأزمات وكان السبب في ضرب القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، نطالب بالتوزيع العادل للثروات وإيجاد فرص الشغل للشباب، نطالب بمنظومة تعليمية ترفع الحيف عن المعلم والتلميذ وتكون السبيل الوحيد لاستعادة منظومة القيم الضائعة وحجر الأساس لنموذج تنموي ناجح، نطالب بتحسين ظروف الاستشفاء ورفع الحيف عن الأطباء، وقد أبانت أزمة وباء كورونا عن نواقص القطاع الصحي، نصرخ ونولول لهروب الأدمغة من أبنائنا الذين يسيرون أكبر المشاريع في العالم وعجزوا عن العيش الكريم في الوطن، نتألم وننتفض ضد الفوارق الاجتماعية وانعدام العدالة المجالية، وترك جهات منكوبة دون تحفيزات ضريبية، من حقنا أن نشخص ونحلل، من حقنا توجيه اللوم لمن يبيع صوته لتجار الضمائر أباطرة المال الحرام، وتذكيره بأن التصويت على من يستعمل المال لاستمالة الناخبين لم يحقق سوى المصالح الشخصية لمشتري الضمائر، من حقنا المطالبة بتدخل المشرع لتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجريم الاغتناء غير المشروع، ولكن شتان بين الحكومات والوطن، بين الأحزاب والوطن، بين مسؤولين فاسدين أو منعدمي الكفاءة والوطن، الوطن يبقى شامخا بثوابته الأربعة على مر العصور والأجيال، تاج أبدي أزلي ناوله الأجداد للأحفاد ومسؤولية متوارثة بين الأجيال، فلنسلم بعظمة وقدسية هذا الوطن وسيادته.

*برلمانية سابقة

الفيديو

تابعونا على الفيس