في تصريح مثير للدهشة والاستنكار، أكد السيد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في معرض حديثه عن الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2021، أن الحكومة، وبمناسبة تقديمها لهذا المشروع، وفي إطار حرصها على "الحد من آثار جائحة كورونا، تنوي إقرار "ضريبة تضامنية جديدة"، حددها في فئات وشركات وأشخاص ذاتيين.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته: "ستلجأ الحكومة إلى اقتطاع نسب مائوية من المداخيل والأجور، تصل بين نصف يوم إلى ثلاثة أيام"، وزاد موضحا "أن هذه المساهمة التضامنية ستمكن من تحصيل حوالي 5 مليارات من الدراهم، ستخصص لدعم "صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي"".
وجدير بالإشارة إلى أن حكومة "البيجيدي" هي أكثر الحكومات المغربية على الإطلاق اقتراضا وتنويعا لمصادره الشعبية والأجنبية، وتخطط حاليا لاقتراض 5400 مليار سنتيم.
الشعب بمثابة عجلة الاحتياط (السكور)
راهنت حكومات سابقة، وعلى الأخص "البيجيدية" الحالية، على اعتماد سياسة "التجويع" ومص دماء الشعب كلما بدا ضمور هيكل الاقتصاد الوطني بفعل جفاف مصادره أو ميله إلى الحافة، فتبقي على تجميد الأجور والرفع من وتيرة الأسعار إلى سقف لا يطاق. كما لاحظ المواطنون أن المستوى المعيشي ارتفع ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل تفشي جائحة كورونا؛ شمل كل المواد الاستهلاكية الأساس، وفي آن انعدمت فيه بالكاد أدوار أجهزة المراقبة والزجر، وحلت محلها المضاربات والاحتكارات المقنعة بفيروس كورونا.
تكميم الأفواه أمام تشديد الخناق الاقتصادي
لاحظ الرأي العام الوطني أن الحكومة أحيانا تغدق "خيراتها" بدون مقدار، في شكل مساعدات مالية تحت عنوان "دعم" القطاعات الخاصة كالإعلام بشقيه الورقي والإلكتروني، بما فيه الجانب الفني، وهي تعد بالفتات إذا قورنت بالإكراميات السمينة التي تذهب إلى القطاعات الوزارية ومديرياتها؛ لكن، وأمام هذا الكرم الحاتمي، تظل أدوار مؤسسات البرلمان والأحزاب والنقابات في مراقبة ومساءلة العمل الحكومي هامشية وصورية وبالتالي تبقى معاناة المواطن سيدة الموقف في المشهد السياسي العام، في وقت تتبجح فيه الحكومة بصرف "إعانات استثنائية" للطبقات الشغيلة الأكثر تضررا من آثار الجائحة؛ وهي لا تعدو، في عمومها، مبالغ مالية زهيدة تحضر شهرا لتغيب شهرين أو أكثر.
ولنا في الحكومات المجاورة أفضل مثال
بالرغم من شدة وطأة فيروس كورونا وعصفه بكثير من التوازنات الاقتصادية في معظم بلدان العالم، فإن قوى شعوبها ظلت متماسكة إزاء اهتزازات الأسعار؛ فلم تجرؤ حكومة غربية أو مشرقية إطلاقا على مس القدرة الشرائية العامة، بل خصصت صناديق ليس بغرض إروائها بدماء شعوبها ولكن أساسا لدعم القدرة الشرائية للمواطنين تمول من المداخيل العامة للحكومة، لإعانة شرائح المجتمع الأكثر تضررا من تبعات وتداعيات الوباء العالمي "كوفيد ـ 19"، والحيلولة دون ارتفاع معدلات البطالة، على الرغم من أن اقتصاديات هذه الدول تراعي في توازناتها المالية هذه الشريحة وتخصص لها نسبا مائوية من ميزانياتها تقتص من الضرائب العامة، وليس من جيوب المواطنين كما اشتهرت به حكومتنا الموقرة.