نشرت صحيفة الغارديان تقريرا مطولا أعده هاري ديفيس بعنوان “وثائق تكشف عن إمبراطورية الشيخ خليفة العقارية في لندن بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني”.
يقول التقرير إن صف المنازل التي بنيت في الستينيات مع حدائق غير مرتبة على طريق مسدود هادئ بالقرب من منطقة ريتشموند على نهر التايمز لا تشترك كثيرا مع سفارة الإكوادور المبنية من الطوب الأحمر في نايتسبريدج، حيث قضى جوليان أسانج سبع سنوات مختبئا، على الجانب الآخر من الطريق من هارودز.
كما أن مساكن الضواحي المتواضعة في لندن لديها القليل من القواسم المشتركة مع الموقع الذي ولدت فيه الملكة في وسط لندن، أو مطعم سيكسي فيش، وهو مطعم للمأكولات البحرية في منطقة ماي فير الراقية حيث يجلس رواد المطعم بين منحوتات حورية البحر للفنان البريطاني دايميان هيرست.
ويشير التقريرإلى أن القاسم المشترك بين جميع هذه العقارات هي أنها تشكل جزءا من إمبراطورية عقارية سرية بقيمة 5.5 مليار جنيه إسترليني يملكها أحد أغنى رؤساء الدول في العالم، وهو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وأمير أبو ظبي.
وعلى الرغم من شهرة هذه المباني، ظلت ملكية هذه المحفظة العقارية محاطة بالسرية لعقود، وبحسب الكاتب، فإن مصدرا مطلعا على التعاملات التجارية للشيخ خليفة أفاد بأن المحفظة أنشئت من خلال صفقات شبه سرية، تم عقدها بهدوء على مدار سنوات عديدة”.
لكن الآن، مكنت الوثائق المسربة والمستندات المقدمة للمحكمة وتحليل السجلات العامة، صحيفة الغارديان من تحديد ممتلكات خليفة العقارية في المملكة المتحدة، كما كشفت كيف أصبح رئيس الدولة الغنية بالنفط مالكا رئيسيا للعقارات في لندن، متفوقا بذلك، على مايبدو، على إمبراطورية دوق وستمنستر، هيو ريتشارد لويس جروفينور، الملياردير الأرستقراطي البالغ من العمر 29 عامًا والذي يمتلك مساحات شاسعة من لندن.
ويكشف التقرير أن محفظة العقارات الشخصية لخليفة، والتي تمتد على بعض أغلى أحياء لندن ، تتكون إلى حد كبير من العقارات التجارية والسكنية “فائقة الجودة”. حيث تُعرض الشقة الواحدة في أحد المجمعات الفاخرة في المحفظة حاليا في السوق بحوالي 20 مليون جنيه إسترليني.
ويشير تحليل بيانات السجل العقاري إلى أن محفظة خليفة التجارية والخاصة تضم حوالي 170 عقارا، تتراوح بين قصر منعزل بالقرب من ريتشموند بارك إلى العديد من المباني المكتبية الراقية في لندن مؤجرة لصناديق التمويل الاستثماري والبنوك الاستثمارية، بدخل إيجار سنوي قدره 160 مليون جنيه إسترليني.
وتسلط الوثائق الضوء على كيف أنه من الممكن لمستثمر ثري مثل الشيخ خليفة بناء محفظة عقارية مترامية الأطراف في بريطانيا، تضم حوالي 1000 مستأجر، بفضل هيكل معقد من الشركات الوهمية في الملاذات الخارجية التي يديرها بعض أكبر شركات المحاماة في لندن، دون أن يكتشفها أحد.
ويوضح التقرير أنه ليس هناك ما يشير إلى ارتكاب أي مخالفات وامتلاك ممتلكات في المملكة المتحدة من خلال شركات خارجية أمر قانوني تماما، لكن حكومة المملكة المتحدة التزمت بتقديم سجل للشركات الأجنبية التي تمتلك ممتلكات في المملكة المتحدة لجعل السوق أكثر شفافية ولمكافحة الفساد أيضا.
ولم يرد حاكم الإمارات، الذي تشير تقارير إلى إصابته بجلطة دماغية عام 2014، وأصبح من وقتها “عاجز عقليا”، على الرغم من نفي محاميه لذلك، على طلبات صحيفة الغارديان المتكررة للتعليق.
مؤخرا، يكشف التقرير أن ممتلكات الشيخ أصبحت في قلب نزاع في المحكمة العليا، حيث يتنافس أفراد عائلة خليفة للسيطرة على أصوله، حسب ما قاله محامو شركة لانسر، التي كانت تدير المحفظة العقارية لخليفة، إذ استشهدوا بوثيقة يزعمون أنها تظهر أن السيطرة على أصوله تم تسليمها سرا إلى لجنة خاصة عام 2015. الوثيقة المعمدة تظهر أنها موقعة من قبل خليفة، لكن وبحسب التقرير، يبدو أن التوقيع يخص شقيقه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والزعيم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة وأحد أقوى الشخصيات في الشرق الأوسط.
وتنص الوثيقة التي نشرها الموقع الاستقصائي ساراواك لأول مرة واطلعت عليها صحيفة الغارديان، على أن، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الأخ غير الشقيق لخليفة، رئيسا للجنة ، مما يشير إلى أن بعض العقارات الرئيسية في لندن أصبحت الآن في أيدي الحكومة، قي الوقت الذي ينفى محامون يمثلون خليفة أنه “تنازل عن السيطرة على أصوله”.
وينهي التقرير بالقول أن أموال أبو ظبي استمرت في التدفق على العقارات “فائقة الجودة” في لندن في السنوات الأخيرة بفضل ضعف الجنيه الإسترليني. لكن فيروس كورونا قلب الطاولة على سوق العقارات. حيث بدأ تأثيره في الظهور حول محفظة خليفة العقارية، التي تديرها الآن شركة مملوكة لمجموعة أبوظبي المالية ADFG.
(بي بي سي)