بوشعيب أمين
لا شيء يذكّر المغاربة بما آلت إليه أوضاعهم المعيشية المتردية، بعد حلول عشر سنوات عجاف من تسيير حكومة العدالة والتنمية للشأن العام المغربي، كالتصريح الذي تفوّه به إدريس الأزمي نائب رئيس فريق حزب “العدالة والتنمية” في مجلس النواب، يوم الثلاثاء 13 أكتوبر 2020، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية.
هذا التصريح الوقح استفز مشاعر المغاربة وجعلهم يشعرون بالندم الشديد على ذهابهم إلى مكاتب التصويت، من أجل إعطاء أصواتهم لهذا الحزب الذي رفع شعارات محاربة الفساد والاستبداد، ووعد المغاربة بإصلاح أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فصدقوه، وبوّأوه المرتبة الأولى من أجل تحقيق وعوده. ولو أن المغاربة كانوا يعلمون أن حراك 20 فبراير سييستغله حزب العدالة والتنمية، الذي كان في صفوف المعارضة حينذاك، لما كانوا خرجوا. ولتركوهم لمصيرهم مع القبضة الأمنية التي بدأت تزج بهم في السجون. (عندما تم اعتقال جامع المعتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قبل حراك 20 فبراير 2011 غضبت قيادة الحزب، وسارعوا إلى الإعلان عن تضامنها معه، من خلال تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مقر محكمة سلا، واعتبروا ذلك الاعتقال انتقاما من الحزب) .
ثمة أسئلة موجعة، لن يحس بمرارتها إلا المغاربة، الذين تحوّلت أحلامهم مع حكومة العدالة والتنمية بنسختيها الأولى والثانية، إلى كوابيس مستمرة ليلا ونهارا.
وربما أول الأسئلة التي ُتوجَّه إلى صاحب هذا التصريح الوقح هو: إذا كان الشعب المغربي أنقذكم من غياهب السجون وبوّأكم السلطة، فماذا قدمتم للشعب المغربي بعد عشر سنوات من العمل البرلماني والتسيير الحكومي؟
ثم إذا كان العمل البرلماني ليس إلا مهام يمارسها النائب برغبة وطواعية منه على أساس نضالي، يقوم بها خدمة للشعب. فلماذا تتقاضون على تلك المهام ملايين الدراهم وأنتم تعلمون أن المغرب يواجه تداعيات أزمة اقتصادية غير مسبوقة بسبب تفشي وباء كورونا؟ ومع ذلك تمنّون على الشعب وأنتم تأكلون أمواله بالباطل.
ماذا تسمي راتب التقاعد السمين الذي يتقاضاه بغير وجه حق، كبيركم الذي علمكم السحر عبد الإله بنكيران رئيس حكومتكم السابق؟
وغير بعيد عن النص الأصلي لتصريحكم، وتحديداً حين يتعلق الأمر بأكل أموال الشعب بالباطل، لماذا تلجؤون إلى الاختباء وراء القصر الملكي عندما لا تسير الأمور كما ينبغي؟
سيدي الوزير السابق ورئيس فريق الحزب السابق والعمدة الحالي، إن تصريحكم الذي تروّج له أنت وأمثالك ما هو إلا مقولة تنحو باتجاه البحث الذرائعي لتبرير مواقفكم، ومحاولة تأخذ صيغة البحث عن المسوغات التي تبدو خارج السياق، من أجل تبرير الجمع بين المهام والتعويضات. إن الشعب المغربي ليس غبيا، كي يصدقكم وأنتم تخلطون بين المهمة الانتدابية وما يقوم به الولاة والعمال والموظفون العموميون. واعلموا أن المغرب قوي وصامد وشامخ بشعبه، هذا الشعب الصبور الذي قدم كل التضحيات من أجل وطنه كي يتمتع بالأمن والاستقرار، فهذا الشعب لا يمكن له ان ينهار، أو يحتار.
فلاش: في خطابه الموجه إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، نبه الملك محمد السادس النواب إلى أن هذه السنة هي الأخيرة في الولاية التشريعية الحالية، حيث تتطلب منهم، استحضار حصيلة عملهم، التي سيقدمونها للناخبين. وبالمناسبة فالشعب المغربي سيكون حاضرا أمام صناديق الاقتراع ليقول كلمته إلى الحزب الذي خذله واغتنى أعضاؤه على حسابه: ” ارحل”
نعم ” ارحل ” فالشعب المغربي لا يلدغ من نفس الجحر مرتين.
إيطاليا