تحركات لوقف اغتصاب الأطفال

جمعة, 10/09/2020 - 18:37

يأمل نشطاء حقوقيون بالمغرب أن تسهل صدمة اغتصاب وقتل طفل مؤخرا “كسر الصمت” حول العنف الجنسي ضد القاصرين ووضع حد “للتساهل” مع هذه الظاهرة، في ظل تواتر حوادث الاعتداء الجنسي على أطفال في الفترة الأخيرة.
واهتز الرأي العام المغربي منتصف أيلول/سبتمبر على وقع جريمة اختطاف وقتل الطفل عدنان (11 عاما) بعد اغتصابه في طنجة، في شمال البلاد. وصادف ذلك توقيف متهمين آخرين باقتراف اعتداءات جنسية على قاصرين في حوادث متفرقة بمدن مختلفة، بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وخلفت جريمة طنجة ردود فعل قوية طالبت خصوصاً بإعدام المتهم الرئيسي. لكن أصواتا أخرى رأت في التركيز على هذا المطلب “هروبا من النقاش الحقيقي حول أسباب ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال بل والتسامح معها”، كما يعتقد الكاتب والناشط الحقوقي أحمد عصيد.
ويوضح لوكالة فرانس برس “ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال كانت دائما مسكوتا عنها في المجتمع”، مرجعا ذلك إلى “أن الجنس عموما ليس موضوعا للنقاش العمومي بل إن الحديث عنه يعد من المحظورات داخل الأسر، فضلا عن التسامح مع المعتدين عندما يتعلق الأمر بأقارب”.
– “الخوف من الفضيحة” –
غالبا ما يرتبط صمت الضحايا أو ذويهم بالخوف من الوصم الاجتماعي، وقد ينتظرون أحيانا سنوات طويلة قبل أن يمتلكوا الجرأة على البوح. وهذا ما حصل في قرية بضواحي طنجة بعد أسبوع من انكشاف قضية عدنان، إذ أوقفت السلطات إمام مسجد يقدم دروسا دينية للأطفال، بناء على شكوى من والدي طفلة (7 أعوام) تتهمه بالاعتداء عليها جنسيا.
وحفزت هذه الشكوى أسر خمس قاصرات أخريات تراوح أعمارهن بين 7 و17 عاما ليتقدمن بشكاوى التعرض لاعتداءات مماثلة من الإمام المشتبه به. وتعود وقائع الاعتداءات المفترضة بالنسبة لبعضهن إلى 7 سنوات، بحسب محاميهن عبد المنعم الرفاعي.
ويوضح الأخير أن أغلبهن أخبرن أسرهن لكن “الآباء برروا صمتهم بالخوف من الفضيحة أو الثقة الزائدة في الإمام”. ولا يستبعد أن يكون “النقاش الذي أثارته جريمة الاعتداء على عدنان قد شجعهم على فضح ما وقع”. كما لا يستبعد أن تكون هناك ضحايا أخريات لم تتجرأ أسرهن بعد على التقدم بشكاوى خوفا مما يعتبرنه “فضيحة”.
ويشير الناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عمر أربيب إلى حادثة مماثلة في إحدى القرى بضواحي مراكش في جنوب المغرب، أدين فيها إمام مسجد يقدم دروسا دينية للأطفال “بالحبس 5 سنوات في العام 2017 بسبب الاعتداء جنسيا على 7 طفلات”. ويذكر مستنكرا أن “بعض سكان القرية التمس من السلطات طي الملف خوفا من انكشاف ضحايا أخريات، بعضهن صرن متزوجات، بدعوى حماية سمعتهن”.
وفضلا عن إدانة التخاذل في ملاحقة المعتدين ينبه نشطاء حقوقيون ومثقفون كذلك إلى ضرورة تربية الطفل تربية جنسية داخل الأسرة وفي المدرسة أيضا، وذلك بما يجعله واعيا بأي محاولة عنف جنسي قد يتعرض لها، “وحتى لا يكون لقمة سائغة بين يدي مغتصبه”، بحسب تعبير عصيد.
وكانت وزارة التربية الوطنية قد وزعت قبل عدة أعوام كراسات للتربية الجنسية على المدارس على أساس أن تكون مادة اختيارية، لكنها لم تعتمد مادة أساسية منذ ذلك الحين، بحسب ما أوضح مسؤول حكومي سابق لوكالة فرانس برس.
– إفلات من العقاب –
وإذا كانت بعض العائلات تحجم عن التبليغ عن اعتداءات جنسية ضد أبنائها اتقاء للوصم الاجتماعي، فإن حالات أخرى يتم طيها بتنازل أولياء أمور الضحايا عن ملاحقة الجناة خصوصا عندما يكونون من الأقارب، أو حتى في مقابل تفاهمات مالية.
ونددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة حكومية، آمنة بوعياش في مقال هذا الأسبوع باستمرار هذه الممارسات، “كل يوم يفلت عدد من مرتكبي جرائم الاغتصاب من العدالة ومن العقاب بعد تراجع والدي الضحية عن الشكاية، مقابل تعويض مالي أو زواج العار”.
وجددت دعوتها لتشديد العقوبات ومنع أي تراجع عن الملاحقة في قضايا الاغتصاب، وهي المطالب التي ترفعها منظمات حقوقية منذ سنوات.
وفي حزيران/يونيو، أفرج عن متهم باغتصاب طفلة عمرها 6 أعوام بعد تنازل والديها في طاطا في الجنوب، ليتم اعتقاله مجددا بعد احتجاجات شديدة. بينما أثار فرار مواطن كويتي متهم باغتصاب طفلة في مراكش احتجاجات قوية ضد “تساهل القضاء”، كونه استفاد من إفراج مؤقت بناء على تنازل والدي الضحية عن ملاحقته.
ويطالب أربيب بنزع ولاية الآباء عن أبنائهن في حالة تنازلهم عن ملاحقة المعتدين عليهم ووضعهم تحت وصاية قاض مكلف بالقاصرين.
ويستنكر أيضا استمرار صدور أحكام مخففة رغم الضجة التي أثارتها جريمة عدنان، مشيرا إلى “حكم على رجل بعامين ونصف حبسا لاغتصاب طفلة الأسبوع الماضي” بضواحي أكادير في جنوب البلاد.
وفي غمرة الاستياء الذي خلفته جريمة طنجة أعلن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد نهاية أيلول/سبتمبر تنظيم لقاءات تشاورية من أجل “تدارس النواقص المحتملة في القوانين”.

الفيديو

تابعونا على الفيس