حكومة لا أعادها الله..
منذ أن تقلد حزب البيجيدي منصب رئاسة الحكومة، والمغاربة قاطبة بكل أطيافهم السياسية والاجتماعية يجأرون بالدعاء "لا أعادها الله.."، يجهرون بها كل وقت وحين تحت ضغوطات القضايا الشائكة والمستفحلة التي يموج بها واقعهم، وسياسة اللامبالاة التي ألفتها، وبخاصة في ظل جائحة كورونا؛ قضايا تواجهها الحكومة أحيانا؛ وعلى لسان رئيسها بتصريحات شفاهية جد مقتضبة، اعتقادا منها أنها بمثابة أقراص "الأسبرين" المهدئة.
وقد وظفت الحكومة فيروس كورونا لتلوذ خلفه بالصمت المطبق تجاه قضايا وملفات مستجدة تؤرق المعيش اليومي للمواطن؛ آخرها على مسرح الأحداث مصير عشرات الآلاف من العمال والمستخدمين الذين وجدوا أنفسهم فجأة؛ وتحت طائلة الفيروس؛ مفصولين أو مهددين بالسراح عن مهنهم، هذا عدى نيران استخلاص رسوم التعليم التي أججتها معظم مدارس التعليم الخصوصي في استقبالها للموسم الدراسي الجديد ومواجهتها للأسر المغربية؛ ناهيك عن صيغ هذا التعليم، ما إن كان حضوريا أو عن بعد، وأدوات كل منها، وكذا الإجراءات الواجب الالتزام بها، أيا كانت مواقعه، داخل المدن أو القرى أو البوادي.
في غياب آليات الدراسات والتحقيقات
في سياق العمل الحكومي، وتجاوبا مع كل القضايا الطارئة والمستجدة، هناك آليات في شكل خلية عمل طارئة لتدارس الوضع عن كثب وإجراء تحقيقات ميدانية بهدف الوصول إلى الميكانيزمات الممكنة وانتقاء أنجع السبل لدبير القضية أو التعاطي مع أزمة معينة أو حالة خاصة.
كم هي عدد المرات التي انعقد فيها جمع حكومي، منذ الأيام الأولى لتفشي الوباء (على الأقل)؟ ماهية اللجان الوزارية التي حققت في أمر عارض أو ظاهرة جهوية، كالأمطار الطوفانية الأخيرة التي ضربت أخيرا مناطق بالأطلس المتوسط والخسائر الفادحة التي أتت عليها سيولها الجارفة؟
وآخرها قضية اغتصاب ومقتل الطفل "عدنـــــــان" التي هزت الرأي العام المغربي، فحتى الآن لم نقف على رد فعل حكومي إزاء هذه الجريمة النكراء التي تجاوزت أصداؤها داخل المغرب، وكأن لسان حالها يقول "هذا أمر عاد، طالما أن ظاهرة "البيدوفيليا" ظاهرة عالمية"!
وكأن الحجر الصحي يشل دواليب الحكومة
ألف المغاربة؛ عبر وسائل الميديا الرسمية أو الشعبية؛ تصريحات جد مقتضبة لرئيس الحكومة السيد العثماني، كلما بلغ إلى مسامعه "دوي انفجار" قضية على الصعيد الوطني أو الجهوي، ثم فجأة يتوارى خلف دواليب الحكومة، أو بالأحرى بالصمت اللامسؤول أمام قطاع واسع من الرأي العام المغربي الذي ذهبت به قراءاته لهذه اللامبالاة في كل اتجاه، فتارة منه من يعتبر أن أي طرف في معادلة كورونا محكوم عليه بالشلل، ومنه من ينظر إلى الحكومة كشخص معنوي قابل لحمل فيروس كورونا، وبالتالي فلا بد له من التحوط والاحتراز كيلا يقع في مصيدته، ومن ثمة فلا داعي لانتقاد شخص قابع خلف الجدران ينظر إلى الوقائع من طرف خفي، ومنه من يرثي لحال هذه الحكومة التي هرمت وشاخت في مناصبها، وتم تلقيحها أكثر من مرة بحقنات "من أين تؤكل الكتف" أو الحقنة القديمة الجديدة "العام زين"، أو ما اصطلح عليه القاموس السياسي الانتهازي "كم من قضايا وملفات تعالج بالسكوت عنها"!
أمام هذه الصور القاتمة للعمل الحكومي، والتحديات السوسيواقتصادية التي فرضها الوباء الكوروني، إلى جانب الاستحقاقات الانتخابية القادمة، يعِنٌّ لكل مواطن تساؤل ما إذا كانت هذه الحكومة ستجدد دماؤها في النسخة المقبلة، أم ستذهب دون رجعة "الماء والشطابة حتى قاع البحر"؟!