هذا الحلم الذى داهم الكثير من الشباب العربى فى مراحل وعقود مختلفة، ألم يحن الوقت بعد للتخلى عنه؟ أ يقونة الحريات تتألق على الكوكب الدرى جاذبة أنظار العالم رغم حداثتها إلا انها تقدمت بخطى سريعة الى القمة، لأنها ببساطة انتزعت اى جينات أو بذور يمكن أن تثمر مشاعر، نعم لقد جفت تربتها من الحب والمودة والتعاطف ولكنها عبقرية فى تمثيل الإنسانية والحرية، ولكن الواقع يؤكد أنها غارقة فى العنصرية والتنمر وان العقل والمال وحدهما هما كلمة السر إنها الولايات المتحدة الأمريكية ، وليست أحداث «فلويد» مؤخرا هى من أسقطت أوراق التوت ولا تعامل الشرطة مع المتظاهرين بمنتهى العنف اللانسانى، فعلى سبيل المثال لا الحصر اقامت أسرة الرئيس الأمريكى الجنرال ايزنهاور الذى تولى الرئاسة فى الفترة ما بين 1953 حتى 1961 م، حفلا بمناسبة أعياد الميلاد فى مدينة «أوجستا» بولاية «جورجيا» وإذا بالرئيس يضع يده على فم حفيده «ديفيد» ذى الخمسة أعوام بمنتهى العنف صارخا: يا ولد صوتك قبيح!!
فضلا عن ألوان التعذيب وفنون القهر التى مارستها أمريكا فى معتقل «جوانتانامو» الذى بدأت فى استخدامه عام 2002 م، والتخريب والقتل فى العراق حين غزتها بزعم أن بها أسلحة نووية فى 2003 م ولن ننسى أفغانستان والجدير بالذكر أن القوات الأمريكية لا تدخل دولة الا وتخلف وراءها الدمار والخراب المدقع.
ورغم كل هذا تقام المنصات الأمريكية لتقييم الأفعال العربية ويحنجر الحقوقيون بالشجب والتنديد بلا خجل!لأن فاقد الشيء لا يعطيه والفعل مرآة لفاعله. فهذا الشعب منزوع الرحمة والإنسانية ولهذا ورغم كل أحداث الشغب الأخيرة لن تسقط أمريكا حتى وإن كان لسان حالهم تجاه «ترامب» يتمنى أن يردد مقولة آيزنهاور لحفيده «صوتك قبيح»! لأنه ببساطة يجيد التحدث إليهم بلغتهم الحميمة وهى لغة «المال»، وسط أحداث وتداعيات فيروس «كوفيد 19» اللعين الذى أدى الى فقد الملايين لوظائفهم قامت مصلحة الضرائب الأمريكية «ذا كير آكت» بصرف مبلغ 1200 دولار لهؤلاء وتعويضات لأصحاب الصناعات الصغيرة بناء على تعليمات «الرئيس» وموافقة الكونجرس .
فضلا عن أن الشعب هناك يعانى من تخمة العجرفة والتسلط العالمى فى جيناته الوراثية وهى أحد أهم الأسلحة التى تلعب بها الإدارة الأمريكية عندما تستشعر قلقا تدق نواقيس الخطر بأن وضع أمريكا سيهتز عالميا، والأهم أن النظام ينقسم الى شقين «جمهورى» و«ديمقراطى» وليس متعدد الأحزاب مما ينفى عنه التشتت فى اختياره لمن يمثله كما أن تفتت القوى تضعف الأنظمة.
و المواطن الأمريكى يقيم أى انسان وفقا لمعيارين لا ثالث لهما إما ما يحويه عقله من علم وفكر وابداع أو ما يحويه جيبه من أموال بصرف النظر عن نوعه أو دينه أو جنسيته ولا يعبأ مطلقا بمفردات على طريقة الأخلاق والمبادئ وخفة الظل والطيبة وما شابه.
حتى العلاقات العاطفية تقام غالبا على تبادل المنفعة الجسدية وتسديد الاحتياجات والمتع دون استعمال مصطلحات شرقية كالاحتواء والارتباط الأبدى فالإرتباط البدنى أهم وابقى! وربما كل تلك العوامل هى المسئولة عن ارتفاع نسبة كبار السن والمعمرين والصلابة رغم تصلب شرايين المشاعر وانسداد الأوردة الإنسانية..ولكنهم لا يؤمنون بأن الحياة قصيرة وإن طالت وأن الآخرة خير وأبقى.
نقلا عن صحيفة الأهرام