شهادة ميلاد كورونا

خميس, 06/18/2020 - 08:49

سيدي كورونا المحترم:

هي قواعد الحجر الصحي

تلزمني أن أحادثك عن بعد في زمن البعد

وكم حاجة قضيناها بالبعد؟

يسألونني عن اسمك ونسبك

فأقول: إن المحاضر التي بين يدي

تثبت أنّك مسجل باسم "كوفيد التاسع عشر" فحسب.

"سيدة العالم" تدّعي أنك من منشأ صيني

ومهرت صفحتك بالبنط العريض: "Made in Chine".

أما " الشين" فتتبرأ منك براءة الذئب من دم يوسف،

فيما الجمهور يزعم أنه رأى بأمّ عينيه

ماذا رأى؟

رأى العولمة الداعرة والتكنولوجيا الفاجرة

تتسلّلان في جنح الظلام

وقد لفّتاك في قماش وسخ

ثم طوّحتا بك في حاوية للقمامة

فما لبثت كلاب الّليل أن التقطتك فما التهمتك

يا عجبي!

حضنتك واحتضنتك.

ولّما شببت عن الطوق ولم تعد قاصرا

صار الحاجر محجورا والمحجور حاجرا!

امتشقت حسامك المهند

هدمت سور الصين العظيم

وأقسمت بأغلظ الأيمان أن تذل الإمبراطوريات قديمها وجديدها

دست بخيلك الجامحة ديار بني فارس،

وأحرقت روما "نيرون" في واضحة النهار،

حتى بلاد العرب لم ترحمها،

جزت البحار بأسطولك الباذخ وألقيت عصا التسيار

ببلاد العم "سام"

قلت لهم:

"فلتمحوا من تجاويف ذاكرتكم غزوة مانهاتن"!

كنّست أوراق "أسامة" و"الظواهري" و"الزرقاوي"

و"البغدادي"

وهتفت بالصوت العالي:

"إن هي إلا أسماء سمّيتموها ما أنزل الله بها من سلطان".

البنتاغون ولّى هاربا وعصبة الأمم أصابها العيّ

ومجلس الأمن دعا إلى ضبط النفس.

انفرط عقد الأحزاب والأحلاف

لم تنفع معك التمائم ولا الرقى

فأضحى الموت يرقص في كل منعطف،

توالت إنجازاتك كالسيل الهتّان

فلم تسع أرقامها كتب "غينيس".

البورصات باعت أسهمها في المزاد العلني

وأسياد النفط أعلنوا موسم "الصولد" قبل الأوان.

كان يا ما كان!

انزوى الطين-الذي نَسِيَ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد-

انزوى في ركن بيته مستقر

يتسقّط أخبارك في كل حين

يتناول أقراصا مهدئة فيما

الكآبة ترين على قلبه

الذي لا يستكين

مسكين...هو...مسكين.

سيدي كورونا المحترم:

أحاول أنا المهووس بالسّينما أن أتصور نهايتك:

هل سيظفرون بك في إحدى الجحر "اليعربية"

بلحية طويلة متسخة بالية؟

أم سيبلّغ عنك مخبر بئيس فيمطرونك في مخبئك السري

بأطنان من القنابل الحمقى والذكية؟

هل سنفيق يوما وندرك أنك كنت مجرد

كابوس من الكوابيس الغبية؟

أو لعبة من اللعب الورقية؟

لست أدري!

أعرف أنهم وضعوا اسمك في خانة المبحوث عنهم: "WANTED"

وإذا ما فشلوا في القبض عليك

سيحفظون ملفك في أرشيف النسيان.

أما نحن سيدي العزيز،

فسنذكرك كما نذكر كل جلاّدينا

سنذكرك

لأنك فرضت علينا معاشرتك ومساكنتك

في ليلنا ونهارنا

بلا رغبة!

سنذكرك

لأنك وشمت لحمنا بالنار والحديد

واختبرت صبرنا العتيد.

دخلت تاريخنا عنوة

وستبقى مخلّدا كـ "جينكيز خان" وحفيده "هولاكو"

لا تخف، سنفرد لك يوما عالميا للاحتفال والاحتفاء

نشرب فيه نخب موتنا

وولادة فارس الفرسان ولقيط الأزمان

وستنضم إلى قافلة من كشفوا ضعفنا وغذوا هشاشتنا

ووسّعوا من خريطة خيباتنا:

من عام " الفرنسيس"..."عام البون"... "عام الطاعون"..." عام السل"..."عام الكوليرا"...

وهلمّ جرجرة...

كلمة أخيرة:

سيدي كورونا، إن كنا قد استصدرنا لك بطاقة هوية، فإننا نأسف لعدم منحك شهادة ميلاد لأن مسألة إثبات النسب تتطلب إجراء الخبرة الجينية الطبية، نأمل أن يتحقق ذلك قريبا. وإلى ذلك الحين دمت بعيدا...بعيدا...بعيدا.

THE END

الفيديو

تابعونا على الفيس