ما يجري اليوم من خلاف حاد، في عز الجائحة، بين جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ والمدارس الخاصة المتوحشة يسائلنا ويثير عدة أسئلة حول مدى الحاجة إلى الاستغناء عن هذه المدارس ومدى إمكانية الالتجاء إلى تقوية منظومة تربوية موحدة تتيح تقاسم المعرفة بين كل الفئات المغربية، بدون تمييز، من خلال نشر الثقة في خطاب تعميم التعليم والقضاء النهائي على الأمية والهدر المدرسي ودعم الجودة والتميز في كل الفصول. وهذا حق من الحقوق الإنسانية الجوهرية التي نادت بها منذ زمان كل المنظمات الحقوقية والدولية على الأقل إلى نهاية المستوى الثانوي.
إن من شأن هذا التوجه الاستراتيجي بلوغ الأهداف الآتية:
- تقوية القدرات الاستراتيجية والتنظيمية والتربوية والقيمية والحضارية للدولة الراعية من خلال استثمار التجارب والتطبيقات الفضلى للدول الأجنبية في هذا المجال من أجل بلورة نموذج تنموي جديد للمدرسة العمومية الموحدة والقوية، وعيا بفضائلها في بناء الإنسان المغربي وتقدمه الفكري والعلمي والإشعاعي.
- تمجيد المربين ورجال التعليم والعلماء، ثم العمل على رفع القدرة الشرائية (بشكل غير مباشر) لتخفيف العبء ورفع كلفة التمدرس على الفئات الضعيفة والمتوسطة التي تصبو إلى تعليم أبنائها تعليما عصريا يضمن حركيتها الاجتماعية وكرامتها في عهد زمن الأزمة (تعطل المصعد الاجتماعي) والثورات التكنولوجية والعلمية وتقاسم المعرفة.
- الدفع بالرأسمال الذي جنته تلك المؤسسات الخاصة المتوحشة على حساب استغلال كساد التعليم العمومي إلى التوجه إلى استثماره في خلق الثروة في قطاع الصناعة والإبداع التكنولوجي.
- جمعيات أولياء وآباء التلاميذ والوزارة الوصية لا ينبغي أن تبقيا وحدهما في الميدان لمناقشة موضوع استراتيجي في البلاد بخجل، موضوع يهم بناء مشروع تنموي جديد قوامه التضامن بين كل المواطنين.
- مؤسسات الحكامة المتعددة كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للتعليم والبرلمان والحكومة والأحزاب السياسية، وباقي فصائل المجتمع المدني، ينبغي أن تتدخل جميعا للدفاع عن هذا المشروع الوطني الكبير من أجل حماية حقوق المغاربة في ضمان تعليم عصري يحمل في طياته روح الانتماء للوطن وتحقيق الحلم المغربي.
- الأهداف التربوية: وتتمثل في تقوية سيكولوجية الطفل المغربي (عمق العملية التربوية برمتها) الذي لا يلج فصله الدراسي إلا بعد تحية العلم الوطني (وكله راحة واطمئنان نفسي على مستقبله واستقرار عائلته)، وليس إلا بعد تسديد وأداء رسوم دراسته الشهرية لمؤسسة خاصة... متوحشة... تحمله ما لا طاقة له به، لا يهمها إلا جني وتراكم الأرباح على حساب بؤس وشقاوة تعليمه العمومي... ولقد أوضح قديما علي ابن ابي طالب كرم الله وجه عندما قال: "ما رأيت غنى فاحشا إلا وراءه حق مضيع".