"تويتر" السفيرة الفرنسية، شكيب بن موسى، ومستقبل النموذج التنموي بالمغرب
الجدل الدائر حول تغريدة سفيرة فرنسا بالمغرب، هو جدل مشروع ويؤكد أن هناك يقظة وطنية تريد الحفاظ على صياغة نموذج تنموي اقتصادي مغربي/ مغربي، عندما نقول مغربي/مغربي فالأمر لا يتعلق بالانغلاق، ولا بهوية وطنية موغلة في الانغلاق على الداخل، من الجيد الاطلاع على نماذج تنموية متعددة، نماذج لدول مركزية كفرنسا ونماذج لدول أخرى فيدرالية كإسبانيا وألمانيا.
شخصيا أعتقد أن اتجاه المغرب نحو تنزيل الحكم الذاتي في الصحراء، وتطبيق الجهوية الموسعة يجعلنا نبتعد في النموذج السياسي عن فرنسا التي ما زالت قائمة على الدولة اليعقوبية المركزية، الرئاسية، في حين أن المغرب على المستوى السياسي والمؤسساتي يتجه إلى إقرار نموذج سياسي جهوي، مما يجعلنا قريبين من إسبانيا وألمانيا والعديد من الدول ذات نفس النموذج، لذلك فأي نموذج تنموي للمستقبل يجب أن يكون انعكاسا للتوجه السياسي، فالتداخل بين الاقتصادي والاختيارات السياسية قائم، بل هو المحدد.
السيد شكيب بنموسى، رغم التوضيح الذي قدمه فهو لا يستجيب لهذا المتطلب، لن يعكس بسبب وضوح تدوينة سفيرة المغرب بفرنسا روح النموذج التنموي مستقبلا، وخرجة السفيرة للأسف أعادتنا لنقطة الصفر، أعادتنا لنقاش كنا قد تجاوزناه، وهو النقاش المتعلق بلحظة الإعلان عن ميلاد اللجنة، وتأكيد ملكي بل وحرصه على أن يكون النموذج المغربي، مغربي-مغربي يستجيب للملتطبات والحاجيات الاقتصادية والاجتماعية مستقبلا، وهو الحرس الذي يعتبر بمثابة توجيه لعمل اللجنة وأي خروج عنه هو خروج عن التوجه الاستراتيجي الذي وضعه رئيس الدولة وحكمت توجهاته كل القضايا والانشغالات التي طرحت قبل تأسيس اللجنة من العدالة المجالية إلى العدالة الاجتماعية.
قد يكون من الصعب إقالة شكيب بن موسى في هذه اللحظات، لكن من المهم أن يتم إعادة توجيهه وتوجيه اللجنة ككل للمنطلقات والمحددات الأساسية لعملها، لأنه لن يكون هناك معنى لميلاد مشروع تنموي المغاربة مشككون فيه، ومشككون في مضمونه، هذا الشك الذي ظهر اليوم بسبب تدوينة سفيرة المغرب بفرنسا بسبب خطأ تواصلي كان يمكن تفاديه لو كانت اللجنة قد سارعت إلى إصدار بيان عن اللقاء قبل تدوينة السفيرة، ما دامت هذه الأخيرة لم تقدم توضيحا إضافيا عما أثارته تدوينتها، ويبدو أنها لن تقوم بذلك لأنها سارعت إلى إرسال رسالتها للحاكمين بفرنسا لتسجل نقاط دبلوماسية شخصية على حساب المغرب.
توضيح اللجنة المغربية لم يكن واضحا، خرجة شكيب بن موسى باللغة الفرنسية زادت من حجم الغموض والغضب وكأن الموضوع فرنسي/فرنسي في حين أن النقاش مغربي-مغربي.
مسألة أخرى لا بد أن يتم طرحها، وتحتاج للكثير من التمحيص، ما الدافع الحقيقي لسفيرة فرنسا بالمغرب إلى نشر تلك التدوينة، بتلك العبارات المنتقاة بعناية والتي تعرف أنه سيكون لها وقعها خاصة بعد أيام قليلة من الإعلان عن تأجيل تقديم خلاصات النقاش إلى الملك لغاية يناير المقبل؟
لا يمكن لأي أحد أن يقتنع بأن تدوينة السفيرة كانت بريئة، وبدون خلفية، وبدون أن تثير هذا النقاش الذي أدخلتنا فيه جميعا، وجعلنا جميعا نطرح علامات استفهام مشروعة حول عمل اللجنة وحول طبيعة خلاصاتها المستقبلية!!
هي أسئلة تفاعل الأحداث سيكشف عنها، وسيكشف عن طبيعة اللوبي الفرنسي المحافظ الذي لا يرى في إفريقيا عموما والمغرب خصوصا غير بقايا مرحلته الكلونيالة، والذي لم يستسغ أن يصوغ المغرب مستقبله الاقتصادي والاجتماعي بروح مستقلة، بغير تبعية للاستعمار القديم.