أكثرُ القِطاعاتِ تضَرُّرا من الشُّروط الاحترازية التي فرضتْها الدولة المغربية لمُواجهة فيروس "كورونا"، هُو القطاعُ الفنِّي عموما، والمسرحي خُصوصا، حيْثُ امْتَدَّتْ خُيوطُ الضَّررِ مسافة زمنية قَبْلَ إِقْرارِ رِئاسة الحكومة المغربية حالة الحجْر الصحي العام بالبلاد، أيْ مُنذ إعلانها قَرار توْقيف جميعِ الأنشطة الإشعاعية بالمسارح وقاعات العرض العمومية، مَطْلع شهر مارس 2020.
هذه الفئة من المغاربة، من قبيلة المسرحيين المُحترفين، على الرُّغْم من توقُّفِ فُرَصِ شُغْلِها ومُحاصرةِ مَصادرِ عيْشِها، وتأثُّرِها البالِغِ من تَداعيَّات الجائحة التي مسَّتْ شريحة كبيرة منْها، وعلى الرُّغْم أيضا، مِمَّا مَسَّها منْ ضُرٍّ جرَّاء الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها حالة الطوارئ بالمملكة، إلا أنها لم يَشْمَلَها دعمُ صندوق تدبير ومُواجهة وباء "فيروس كورونا" المُحْدثِ بتعليمات مَلكية سامية لمُواجهة الوباء والحدِّ من آثاره، إذ لمْ يَتِم إدراجُها ضمْنَ القطاعات غيْرِ المُهيْكلةِ، لتستفيد من ذات الدعم التَّضامني.
تقديرا منْها لِطبيعةِ الظرف الاسْتثنائي المُترتب عن الجائحة وانْعكاسه على الوضعية الاجتماعية، بادرتْ بعض المُؤسَّساتِ الوطنيةِ المُواطنة، التي لمْ تَسْتفذْ فِئاتُها المُتضرِّرة، من دعم الدولة، إلى خلق مُخْرَجاتٍ مُواطنةٍ لدعمهم والتَّخْفيف منْ آثار الوباء على أوْضاعِهم الاجتماعية، كما هو شَأْنُ المُؤسَّسة الوطنية للمتاحف التي خصَّصَت ملايين الدراهم لدعْم الفنّانين التشكيليين، مَدًّا لجُسُورِ التضامن والتكافل الاجتماعي، لمُواجهة تداعيات هذه الظروف المُستجَدَّة.
بما أن فئة الفنانين المسرحيين، لم تدخل ضِمْنَ أَجَنْدَةِ المغاربة المستفيدينَ من دعْم صُندوق "كورونا"، على الرُّغم من التَّوْقيفِ الاضْطِراري لكل أنشطتها الفنية والثقافية الإشعاعية، بأماكن العَرْض المفتوحة والمُغلقة، يبقى على وزارة الثقافة والشباب والرياضة ومُديرية الإعْلام، أن ُيبادروا بِحِسٍّ وَطَنيٍّ مُواطِن، إلى برْمَجَةِ جولاتٍ مسرحيةٍ وطنيةٍ، لفائدة الفُرُقِ المسرحية المُحترفة، مُباشرةً بَعْدَ الرَّفْعِ الكُلِّي لحالات توقيفِ المسارح وقاعات العرْضِ، بالمُدن المغربية، وبِنَفْسِ الحَماسِ والحِسِّ الوطني، تَبْقى المَحَطَّاتُ التلفزيونية المغربية، (الشركة العامة للإذاعة والتلفزة المغربية * القناة الثانية * قناة ميدي 1) مُلزمةٌ بِتَرْجَمَةِ مُقْتضياتِ كنَّاش التَّحَمُّلاتِ الذي يُؤطِّر عملها الإعلامي، والقاضي بتصْويرِ 24 مُنْجزاً مسْرحياً في السَّنة لِكُلٍّ منْها، لفائدة فُرْجَاتِ الفُرُقِ المسرحية المُحترفة، مُساهمة منها في خَلْقِ فُرَصِ شُغْلٍ للفنانين المسرحيين المِهَنِيِّين، دَرْءا لِلْعَطالَةِ التي طالتْهُمْ شُهورا قَبْلَ وبَعْدَ الحجْرِ الصِّحي...
كما تبْقى الوزارة المُنْتَدَبَة المُكَلَّفَةُ بالمغاربة المُقيمين بالخارج وشُؤونِ الهِجْرة، مَدْعُوَّة لتقوية شبكة تنظيم جولات مسرحية لفائدة مغاربة العالم ببلدان الاستقبال برسم سنة 2020/2021، لدعْمِ الفرقِ المسرحية المُحترفة..
تَجْدُرُ الإِشارَةُ، إِلى أَّنَّ الفنان المَغْربي الذي اسْتُثْنِيَ منْ جميعِ أشكالِ الدَّعْمِ التَّضامُنية التي قدَّمتْها أجهزة الدولة للمغاربة المُتضررين، قَدْ لَعِبَ أَدْواراً طَلائِعِيَّةً في مُواجهة جَائِحة "كورونا" بالممْلكة، شَأْنُهُ في ذلك شأْنَ الأطقُمِ الطبِّيةِ وقواتِ الأمْنِ والجيْشِ والسُّلطات العُمومية والوقايةِ المَدنية والمُجْتَمَعِ المَدني، حَيْثُ عاشَتْ معهُ أزْيَدَ من 36 مَليُون مغربي على امتداد مَسافَةِ الحَجْرِ الصِّحي بالمَنازِلِ، أوْقاتا مُمْتِعَةَ وأُخْرى تَشُّدُ الأَنْفَاسِ منْ خِلالِ تَتَبُّعِهَا لِـ (المُسلسلات والسِّيتْكُومات والأفْلام والسِّلْسِلات والسَّهَرات الفَنية والفُرْجَاتِ المَسرحية، والوَصَلاتِ التَّحْسيسيَّةِ المُتلفزة، والبَرامِج الفنية الإذاعية والمُتلفزة، واللقاءات الفنية والمسرحية عبْرَ قنواتِ وصفحاتِ ومَواقِعِ التواصل الاجتماعي).. وهُو الدَّوْرُ الذي كانتْ لهُ أهَمِّيةٌ قُصْوى في تَحْويطِ مساحةِ مَلَلِ الالتزامِ بِقَواعدِ الحَجْر الصِّحي لَدَى فِئاتٍ واسعةٍ مِن الشَّعْبِ المغربي.