بقلم الكاتبة/ أفراح رامز عطية
متابعة – محمود الهندي
روى أهل السير عن أحمد بن مسكين وهو أحد كبار التابعين من القرن الثالث الهجرى بالبصرة كان فى بلده رجل اسمه أبو نصر الصياد يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد مدقع..
وفي احد الأيام وبينما هو يمشى في الطريق مهموما مغموما ً حيث زوجته وابنه يبكيان من الجوع .
مر على شيخ من علماء المسلمين وهو ‘أحمد بن مسكين’ وقال له أنا متعب فقال له اتبعني إلى البحر .
فذهبا إلى البحر، وقال له صل ركعتين فصلى ثم قال له قل بسم الله فقال بسم الله… ثم رمى الشبكة فخرجت بسمكة عظيمة .
قال له بعها واشتر طعاماً لأهلك ، فذهب وباعها في السوق واشترى رقاقتين (فطيرتين) إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يذهب ليطعم الشيخ منها فذهب إلى الشيخ وأعطاه رقاقة (فطيرة) فقال له الشيخ :لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة!!
أي أن الشيخ كان يفعل الخير للخير، ولم يكن ينتظر له ثمناً، ثم رد الفطيرة إلى الرجل وقال له خذها أنت وعيالك .
وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الرقاقتين..وقالت:ياسيدى هذا طفل يتيم جائع؛ لا صبر له على الجوع..فأطعمه شيئا يرحمك الله..ونظر إلى الطفل نظرة لا أنساها..وخيل إلى أن الجنة نزلت إلى الأرض تعرض نفسها على من يشبع هذا الطفل وأمه..فدفعت مابيدى للمرأة..وقلت لها خذي وأطعمى ابنك؛والله ما أملك بيضاء ولا صفراء ؛وإن فى دارى لمن هو أحوج إلى هذا الطعام .
فابتهج وجهها ودمعت عيناها وابتسم ابنها فرحاً وعاد يحمل الهم فكيف سيطعم امرأته وابنه ؟
وبينما هو يسير مهموما سمع رجلاً ينادي من يدل على أبو نصر الصياد؟فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات؛ ولم أستدل عليه ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم مال أبيك .
يقول أبو نصر الصياد:وتحولت إلى أغنى الناس و صارت عندي بيوت وتجارة وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة لأشكر الله .
ومرت الأيام وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!
وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام يوم القيامة..والخلق يموت بعضهم فى بعض..ورأيت الناس قد وسعت أبدانهم ؛فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مجسم. .ثم وضع الميزان وينادي مناد أبو نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك، فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس خفية من شهوات النفس..كالرياء والغرور..وحب ثناء الناس..فلم يسلم لى شئ ..وهلكت عن حجتى.. ورجحت السيئات وبكيت وقلت ما النجاة؟!
وأسمع المنادي يقول هل بقى له من شيء ؟ فأسمع الملك يقول: نعم بقت له رقاقتان فتوضع الرقاقتان (الفطيرتان) في كفه الحسنات فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات .
فخفت وأسمع المنادي يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء فقلت: ما هو؟ فقيل له: دموع المرأة حين أعطيت لها الرقاقتين (الفطيرتين) فوضعت الدموع فإذا بها كحجر فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فأسمع المنادي يقول: هل بقى له من شيء؟ فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيت له الرقاقتين وترجح و ترجح وترجح كفة الحسنات وأسمع المنادي يقول: لقد نجا لقد نجا..لقد نجا.. فاستيقظت من النوم فزعا أقول: لو أطعمنا أنفسنا هذا لما خرجت السمكة .
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
أربعة لا أقدر على مكافأتهم:رجل بدأنى بالسلام..ورجل وسع لى فى المجلس..ورجل اغبرت قدماه من المشى فى حاجتى..أما الرابع فما يكافئه عنى إلا الله..قيل:ومن هو؟
قال:رجل نزل به أمر ؛فبات ليلته يفكر فيمن يقصده بعد الله عز وجل ثم رآني أهلا لحاجته فأنزلها بى .
ففى الحديث الذى رواه ابن ماجه وابن أبى عاصم وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن من الناس ناسا مفاتيح للخير ؛مغاليق للشر..وإن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير.. فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه..وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه..حسنه الألبانى
فكونوا مفاتيح خير..وإياكم ومفاتيح الشر..
وافعل الخير ولا تستصغره..فإنك لا تدرى أى حسنة تدخلك الجنة .
فيا مضيع العمر بالساعة والساعة..ياكثير الغفلة وقد دنت الساعة..ياناسيا ذكر النار إنها لنزاعة..يامن هجم عليه الشيطان وهو فى بداية المخالفةفسباه فباعه؛ فاشتراه الهوى بثمن بخس فأضاعه؛ أما بلغك لطف هل من سائل؟! أما سمعت عفو هل من تائب؟!فلا تيأس فباب التوبة مفتوح..ولا تقنط فعلم القبول يلوح .
فعلا لقد سقطت الحاء من أحلامنا لنعيش آلامنا..فمتى تسقط الراء من حربنا لنعيش حبنا..ومتى تسقط الحاء من حربنا لنعود إلى ربنا..وعندها ستسقط الجيم من عجزنا لنعيش بالإسلام عزنا .
فاللهم ياعلى ياكبير..يامن لا يظلم الفتيل والنقطير والقطمير..نسألك أن تتجاوز عن الخطأ والتقصير..اللهم نجنا من دار السعير..وارزقنا شفاعة البشير النذير..اللهم أجرنا من خزى الدنيا وعذاب الاخرة..واغفر لنا ولوالدينا واهلنا وأولادنا وإخواننا وأخواتنا وأصحاب الحقوق علينا مغفرة لا نشفى بعدها أبدا..برحمتك يا أرحم الراحمين .