من الموضوعي القول – حمدا لله وشكرا على نعمائه – أن الصوم أنسب بنواذيبو ، في باب المناخ المعتدل غالبا ، ولكن ساكنة نواذيبو في جانب كبير منها ، تعاني أوضاعا معيشية
صعبة ، قد يساعد في إخفائها طابع التكتم وعدم الرغبة في إفشاء المعاناة إلا نادرا ، وهذه هي عقلية وطبيعة الكثير من الموريتانيين بدعوى "السترة " والحفاظ على الكرامة .
قرابة 200 ألف ساكن – حسب تقديري الخاص – تقطن مدينة نواذيبو وحدها ، وتتقلب بين أزمة عدم توقيع اتفاق الصيد مع الاتحاد الأوروبي ومشاكل القطاع الحساس الحيوي في العاصمة الاقتصادية ( قطاع الصيد ) ، الذي يمثل العمود الفقري للاقتصادي المحلي والوطني عموما ، وبين أزمة مضايقة الحدود البرية مع المغرب ، تحت وطأة تشديد شروط دخول السيارات المستعملة ، هذا إلى جانب مشاكل حي (أكرا) ، الذي يميل للهدوء النسبي في رمضان ، من بركات "اذا جاء رمضان صفدت الشياطين " .
هذا الحي الذي يزخر بمظاهر غريبة على مجتمعنا ، أقلها الدعارة وشرب الخمر ، و رغم حصول عمليات إجرامية شنيعة متكررة في مدينة نواذيبو ، إلا أن هذا الرمضان امتاز حتى الآن بالهدوء والسلمية ، لله الحمد والمنة .
وتقف الإدارة موقف المراقب ، بعدما جنحت في أوقات سابقة للصرامة الزائدة – على رأي البعض – ابان عمليات توزيع وتخطيط الأراضي في السنوات المنصرمة ، إلا أن هذه الإدارة المحلية في نواذيبو ، تميل في الوقت الراهن – حسب الظاهر – للمسالمة ومحاولة حل بعض المشاكل بطريقة ودية ، حسب بعض المصادر ، دون أن يمنع ذلك من اعتراض البعض على الأسلوب الرسمي عموما ، لدى الجهات المعنية بتسيير الشأن العمومي في ولاية داخلت نواذيبو .
ورغم توقف مشروع ( خيرية اسنيم ) الأبرز بالمدينة ، نعني مشروع المستشفى ، وعدم إنجازه حتى الآن ، وسط تعثر وتأخر كبير ، إلا أن المدينة حتى الآن تعيش على وقع هدوء رمضاني مقبول ، يتيح للصائمين على الأقل التمتع برمضان بارد المناخ ، وإن كان مفعما بالمصاريف لارتفاع وتيرة الأسعار ، رغم أن الخضروات متوفرة من المعبر الحدودي مع المغرب ، مع مصدر الإنتاج المحلي بنواذيبو ، لهذه المادة الملحة بوجه خاص في شهر رمضان .
من وجه آخر يسود الركود الثقافي والسياسي ، مقابل نشاط روحي ودعوي أقل ، من خلال شيوع الإقبال على صلاة التراويح وإقامة الصلوات المكتوبة في الكثير من مساجد المدينة .
هذه المساجد المتكاثرة، والتي تلعب منذ سنوات دورا محوريا في إصلاح المجتمع وتوازنه.
المنطقة الحرة ، أو المرة في نظر البعض ، ربما لم تجلب حتى الآن إلا الامتعاض والتندر بأساليب النقد المفتوح ، لعجز هذه المنطقة حتى الآن عن التمثل عمليا ، رغم طول المدة نسبيا ، على بروز هذا المشروع الفضفاض الشعاراتي المكلف ، الأقل نتيجة وأثرا ملموسا مباشرا .
فربما مازالت مشاريع هذه المنطقة الحرة ، في أغلبها سوادا على بياض فحسب .
بجوار المحيط الأطلسي ترقد في هدوء نسبي انواذيبو ، محفوفة بتحديات البطالة ، جراء أزمة الصيد المتعددة الاوجه ، وتحديات التفلت الأمني والقيمي ، جراء العولمة وبقايا المهاجرين السريين في حي أكرا ، بجوار حي "القران" التاريخي المركزي بالمدينة الجذابة اقتصاديا ومناخيا .
لكن انواذيبو في جانب الاقتصاد البحري ، لم تعد كسابق عهدها ، رغم بقية خير في هذا المجال ، الذي يستحق المزيد من البحث والتقييم الموضوعي ، عسى أن لا يذهب صيدنا في خبر كان ، ليصبح – لا قدر الله – جزءا من تاريخ غابر تخللته بعض الذكريات الجميلة ، التي أعقبتها أخرى أقل عبقا وألقا .
فلنتحرك جميعا من اجل أنواذيبو ، حتى لا يفقد الصفة الاقتصادية ، ليتحول الى اسم ( العاصمة الاقتصادية ) بلا مسمى تقريبا