اسيا العتروس
في زمن الكورونا و الاخبار المتواترة عن ضحايا الفيروس العابر للحدود يغيب عن العالم و عن الانظار ان هناك بعض مناطق في هذا العالم حياتها كورونا قبل حتى ظهور الفيروس و مع ذلك فان هذه المناطق لا يلتفت اليها العالم ..
طبعا نحن لا نتحدث عما يحدث من حولنا على الضفة الاخرى للمتوسط من ماسي يومية بسبب الفيروس و لكننا نتحدث عن ذلك الجزء الاخر المنسي في هذه الحرب المعلنة على كورونا حيث لا تصل اصوال السلطات الفلسطينية المطالبة بانقاذ حياة اكثر من ستة الاف اسير فلسطيني في السجون و المعتقلات الاسرائيلية مهددون بدورهم بالفيروس و حيث تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي ممارسة كل انواع الجرائم مستفيدة من اهتمام العالم بفيروس كورونا العالم يسابق الزمن في محاولة ..و الامر ذاته ينطبق على معاناة السوريين الذين الهتهم الحرب المستمرة منذ عشر سنوات و الموت اليومي الذي يلاحقهم عن الانتباه للفيروس الذي يهدد الاف الاجئين السورين و المشردين ..و بالتاكيد فان الامر ينسحب على شعب اليمن حيث فاق عدد ضحايا الكوليرا عدد ضحايا كورونا عبر العالم ..
في الاثناء يبقى الاكيد ان فيروس كورونا الذي يجتاح العالم لم ينه بعد مهمة اسقاط ورقة التوت التي تعري الانسانية و تكشف الرياء و النفاق السياسي و تنقل عمق الماساة التي يمكن ان تجرف العالم ..ما يحدث في ايران المحاصرة منذ سنوات يصح اعتباره بجريمة ضد الانسانية حيث لا تجد كل اصوات الاستغاثة بمد الايرانيين بابسط الاحتياجات الطبية و المعدات التي يحتاجونها غيرالتجاهل و الرفض ..
كل الحكومات بما في ذلك القوى الكبرى تسعى لكبح جماح فيروس كورونا المتمرد على كل الحدود الجغرافية و الاجراءات الامنية و الوقائية و كل محاولات العزل الذاتي و كل الحصارات السابقة للفيروس و الهدف من كل ذلك انقاذ الارواح و تجنيب العالم مزيد الترهيب والرعب و لكن ايضا حالة الشلل التي امتدت لكل القطاعات الاقتصادية و التجارية و السياحية و الثقافية و الرياضية بما ينبئ بخسائر غير مسبوقة قد تتجاوز ما سجله العالم خلال ازمة 2008 و ما الت اليه من انهيار للاسواق المالية …حتى الان و مع انقضاء نحو ثلاثة اشهر على انتشار اخبارالوباء القادم من ووهان الصينية فلا يبدو ان الانفراج قريب اوهذا على الاقل ما يبدو من خلال لغة الارقام و ما اتحمله يوميا من احصائيات بشان عدد المصابين اوالضحايا ..
من الواضح اليوم ان فيروس كورونا بات يتحكم في تطورات الاحداث في اكثر من مائة وثمان و عشرون بلدا امتد اليها الفيروس وتوقفت فيها الرحلات الجوية و البحرية تحسبا للقادم ..لا خلاف ان الامر يتعلق بكارثة انسانية و اجتماعية و اقتصادية غير مسبوقة و هي كارثة مختلفة عن الكوارث الطبيعية التي تظل محدودة في الزمن والمكان بما يعني انه ليس بالامكان حتى الان توقع مدة بقاء هذا الفيروس قائما وحتى الصين التي يبدو انها تمكنت من السيطرة على الامرليس بمقدورها تحديد المهلة المطلوبة قبل اعلان انتصار العالم على الفيروس ..
الواضح اليوم ان مختلف دول العالم باختلاف مصابها تبحث عن حلول و بدائل للحفاظ على الحد الادنى من النشاط الاداري المطلوب و ضمان استمرار الخدمات في مختلف المؤسساتها و من هنا الاصرارعلى مواصلة الحياة و الاصرار على الحد الادنى من التواصل و من هنا يتضح ايضا نجاح الدول التي راهنت مبكرا على رقمنة الادارة و اعتماد ثقافة العمل عن بعد وهذا ما تتجه اليه المؤسسات و المظمات الدولية الكبرى في العالم التي تجد في هذا الخيار الحل الافضل لتجنب الشلل التام داخل المؤسسات وحماية اطاراتها و تجنيبهم مخاطر التنقل في وسائل النقل العمومي و منحهم في ذات الوقت فرصة الاعتناء باطفالهم … و من ذلك ان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي طلب من موظفيه العمل من المنزل بعد تأكد إصابة موظف في الصندوق بفيروس كورونا ..الاجراءات تشمل الفي موظف بمقر الصندوق وحوالي 16 ألف موظف في البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية في واشنطن و خارجها … العالم بعد كورونا و نامل ان يكون ذلك قريبا لن يكون كما في السابق و سيتعين عليه ان يستوعب كل الدروس المرتبطة بهذا الفيروس و ما سيخلفه من تداعيات على الانسانية ..
اسئلة كثيرة ستظل عالقة حول ظروف و ملابسات ظهور الوباء و اخرى حول تداعياته عبر العالم حتى الان تظل الانظار متطلعة الى بزوغ يوم جديد يحمل معه بشرى لشعوب العالم بقرب موعد الانفراج الذي سيصنعه العلماء و الباحثون في المخابر لانقاذ الانسانية ..
كاتبة تونسية