الدكتور خيام الزعبي
هل نرى الرئيس عبد الفتاح السيسي قريباً في دمشق ؟ هذا السؤال يتردد بقوة في عدد كبير من العواصم المؤثرة عالميا بشكل عام، والعربية بشكل خاص، بل هناك تأكيدات على أن الزيارة باتت قريبة جداً،.ولعل هذه الزيارة ستمثل التحدي الأكبر للأنظمة المعادية لسورية، إذ ستحدث ما يمكن تسميته مفاجأة دولية و ضربة سياسية كبيرة تعكس جدية المواقف المصرية تجاه سورية، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن القاهرة ثابتة في مواقفها بالنسبة لسورية، وأنها جادة فعلاً في حماية المنطقة من الإرهاب بعد توسعه في المنطقة وعدم قدرة أمريكا والمجتمع الدولي على الحد منه.
لم تقطع مصر علاقاتها الدبلوماسية والأمنية والسياسية بدمشق طيلة سنوات الأزمة، كون أن العلاقات السورية المصرية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، حيث زار رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، العاصمة السورية دمشق قبل عدة أيام، والتقى مسؤولين سوريين، وجاءت الزيارة في ذروة التصعيد بين القوات التركية والجيش السوري في ريف إدلب، وقبل لقاء الرئيس أردوغان، مع نظيره الروسي، بوتين، في العاصمة الروسية موسكو، ولقاء عباس كامل بالمسؤولين السوريين ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن زار رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، العاصمة المصرية القاهرة في كانون الأول من عام 2018.
علاوة على ذلك، إن الموقف المصري من الأزمة السورية، والذي بدأ يتغير تدريجياً مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، بعد أن قامت مصر خلال حكم الرئيس السابق محمد مرسي بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق وأعلنت صراحة تأييدها للمعارضة المسلحة في سورية بل ووجه الدعوة إلى المصريين للجهاد هناك، وأكد الرئيس السيسي مقولته الشهيرة فى عام 2014: ” أن سورية هي العمق الاستراتيجي لمصر وأن القاهرة تدعم الجيش السوري والدولة الوطنية السورية لمحاربة الارهاب”، وقال الرئيس الأسد حينها إن “هناك تعاوناً بين مصر وسورية على الصعيد الأمني والعسكري، ولقاءات بين مسؤولين سوريين ومصريين”، معتبراً أن سورية ومصر في خندق واحد في محاربة الإرهابيين وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة.
في إطار ذلك ما من شك إن كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية، إذ أكدت دروس التاريخ أنه كلما كانت سورية ومصر في خندق واحد، وموقع واحد متضامنتين فإن ذلك يحقق الأمن والاستقرار للإقليم العربي، وعلى النقيض من ذلك فإنه كلما فترت هذه العلاقة فإن المردود السلبي لن يقتصر على الشعبين السوري والمصري وإنما ليشمل دول المنطقة، وبالتالي فإن سورية ومصر هما الأكثر مسؤولية في إيقاظ الصحوة القومية المنشودة والحفاظ على ثوابتهما، وأنهما الأكثر قدرة وجرأة على جذب بل دفع الآخرين نحو هذا الطريق، بعد أن أثبت تاريخ العرب الطويل بأن محور القاهرة دمشق كان وما زال هو الفاعل المؤثر.
مجملاً….نتوقع قريباً زيارة الرئيس السيسي لدمشق، وهذه الزيارة ستعطي رسالة واضحة لدول العالم بضرورة الإتحاد من أجل وضع حد لخطر الإرهاب كما تؤكد بأن سورية قادرة على تخطي الصعوبات التي تواجهها، وأن القاهرة مع دمشق في خندق واحد، وبالنتيجة فإن عودة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي سيؤدي إلى إثارة غضب أعداء سورية، الذين رحبوا سابقاً بضعف العلاقات بين الجهتين من أجل تحقيق مشروعهما في المنطقة.
وباختصار شديد، أصبح لزاماً على مصر أن تعيد حساباتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية وأن تشرع لإعادة علاقاتها بشكل كامل مع سورية وقوى المقاومة في المنطقة لإعادة إستنهاض المنطقة للتصدي لكل محاولات إعادة ترسيم المنطقة بما يخدم أهداف المشروع الأمريكي الغربي ومحصلته تحقيق أمن إسرائيل، لذا لا بد من صحوة عربية تقود لعملية التغيير الإستراتيجي للوقوف في وجه الإرهاب الذي يستهدف الأمن القومي العربي وركيزته مصر وسورية.
كاتب سوري